للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال صلة بن زفر لحذيفة: ما تغني عنهم " لا إله إلا الله " وهم لا يدرون ما صلاة، ولا صيام، ولا نسك، ولا صدقة؟! فأعرض عنه حذيفة، ثم رددها عليه ثلاثاً، كل ذلك يعرض عنه حذيفة. ثم أقبل عليه في الثالثة فقال: يا صلة! تنجيهم من النار (ثلاثاً).

قلت: فسوّدا في تضعيف هذا الحديث ثلاث صفحات كبار في الرد عليَّ لتصحيحي إياه، لم يجدا ما يتعلقان به لتضعيفه؛ إلا أنه من رواية أبي معاوية محمد بن خازم الضرير؛ بحجة أنه كان يرى الإرجاء! وأن الحديث موافق لبدعة الإرجاء!! وهذا من الجهل البالغ، ولا مجال الآن لبيانه إلا مختصراً، فإن أبا معاوية مع كونه ثقة محتجاً به عند الشيخين؛ فإنه قد توبع من ثقة مثله، ثم إن الحديث لا صلة له بالإرجاء مطلقاً، وهما إنما ادعيا ذلك لجهلهما بالعلم، وكيف يكون كذلك وقد صححه الحاكم والذهبي، وكذا ابن تيمية والعسقلاني والبوصيري؟! ولئن جاز في عقلهما أنهم كانوا في تصحيحهم إياه جميعاً مخطئين فهل وصل الأمر بهما أن يعتقدا بأنهم يصححون ما يؤيد الإرجاء؟! تالله إنها لإحدى الكبر؛ أن يتسلط على هذا العلم من لا يحسنه، وأن يضعف ما يصححه أهل العلم! وهذا الحديث الصحيح يستفاد منه؛ أن الجهل قد يبلغ ببعض الناس أنهم لا يعرفون من الإسلام إلا الشهادة، وهذا لا يعني أنهم يعرفون وجوب الصلاة وسائر الأركان ثم هم لا يقومون بها؛ كلا، ليس في الحديث شيء من ذلك، بل هم في ذلك ككثير من أهل البوادي والمسلمين حديثاً في بلاد الكفر لا يعرفون من الإسلام إلا الشهادتين، وقد يقع شيء من ذلك في بعض العواصم، فقد سألني أحدهم هاتفياً عن امرأة تزوجها، وكانت تصلي دون أن تغتسل من الجماع! وقريباً سألني إمام مسجد ينظر إلى نفسه أنه على شيء من العلم يسوغ له

<<  <  ج: ص:  >  >>