للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يراه المؤمنون بغير كيف ... وتشبيهٍ وضربٍ من مثالِ

هذا عليه نصوص من القرآن وعشرات النصوص من أحاديث الرسول عليه السلام، كيف أَنْكَرَ هذه النعمة بعض الفرق القديمة والحديثة؟ أما القديمة: المعتزلة اليوم لا يوجد فيما علمت على وجه الأرض من يقول: نحن معتزلة، نحن على مذهب المعتزلة، لكنني رأيت رجلاً أحمق، يعلن أنه معتزلي وينكر حقائق شرعية جداً، لأنه ركب رأسه، فأولئك المعتزلة أنكروا هذه النعمة، وقالوا: بعقولهم الضعيفة، قالوا: مستحيل أن يُرَى الله عز وجل، فماذا فعلوا؟ هل أنكروا القرآن؟ الله يقول في القرآن الكريم: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَة، إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَة} (القيامة:٢٢، ٢٣) هل أنكروا هذه الآية؟ لا، لو أنكروها لكفروا وارتدوا، لكن إلى اليوم أهل السنة حقاً يحكمون على المعتزلة بالضلال، لكن لا يُخْرِجونهم من دائرة الإسلام، لأنهم ما أنكروا هذه الآية، وإنما أنكروا معناها الحق الذي جاء بيانه في السنة كما سنذكر، فالله عز وجل حين قال في حق المؤمنين أهل الجنة: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَة، إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَة} (القيامة:٢٢، ٢٣) تأولوها، دوبَلوا عليها آمنوا بها لفظاً، وكفروا بها معنىً، والألفاظ - كما يقول العلماء: - هي قوالب المعاني، فإذا آمنا باللفظ وكفرنا بالمعنى فهذا الإيمان لا يُسْمِنُ ولا يغني من جوع، لكن لماذا هؤلاء أنكروا هذه الرؤيا؟ ضاقت عقولهم أن يتصوروا وأن يتخيلوا أن هذا العبد المخلوق العاجز، بإمكانه أن يرى الله عز وجل جهرةً، كما طلب اليهود من موسى، فأعجزهم الله عز وجل بالقصة المعروفة: {انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي} (الأعراف:١٤٣) ضاقت عقولهم، فاضطروا أن يتلاعبوا بالنص القرآني وأن يؤولوه، لماذا؟ لأن إيمانهم بالغيب ضعيف وإيمانهم بعقولهم أقوى من إيمانهم بالغيب الذي أُمِروا به في مطلع سورة البقرة: {ألم، ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِين، الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} (البقرة:١ - ٣) فالله غيب الغيوب، فمهما

<<  <  ج: ص:  >  >>