للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمثال هؤلاء الذين يؤمنون بالوحدة هذه، ولا شك أن من كان يؤمن بها يكون كافراً مرتداً عن الدين؛ لأن عقيدة وحدة الوجود تعني الطبيعة، كما يقول الكفار والملاحدة الشيوعيون وأمثالهم إنه ليس هناك إلا المادة، الكفر اليوم يعلن به صراحة، فالشيوعيون يعلنونها: ليس هناك شيء سوى المادة.

المؤمنون بوحدة الوجود يغمغمون للقضية ويلبسونها ثوباً من الإسلام والدين، كي يضللوا عامة المسلمين، فهم مثلاً حينما يفسرون كلمة التوحيد: لا إله إلا الله، ينتهون بها إلى أن يقول: لا هو إلا هو، ثم يختصرون هذه الجملة التي تتضمن مستثنىً ومستثنىً منه، فيقولون: هو هو، لا هو إلا هو يلخصونها فيقولون: هو هو، لا شيء سواه، ويعبرون عن ذلك بكثير من العبادات الشركية المكشوفة القناع، كقول بعضهم مثلاً: كل ما تراه بعينك فهو الله، إذاً هذه هي المادة التي يؤمن بها الملاحدة، وبعض آخر فيقول: لما عبد المجوس النار ما عبدوا إلا الواحد القهار، والشاهد هؤلاء ليسوا في الشيعة، ولا في الخوارج، هؤلاء من أهل السنة والجماعة، فهل يجوز تكفير الصوفية عامة؟ الجواب: لا؛ لأن كثيراً منهم إنما يتبعون التصوف جملة بظنهم أنه هو السلوك الذي يوصلهم إلى رب العالمين، لكن أكثرهم لا يعلمون هذه العقيدة التي هي من أبطل الباطل، أما خاصتهم فهم يؤمنون بها، فإذاً لنبدأ بأصحابنا وأهل سنتنا ومذهبنا وهم أهل السنة والجماعة، وفيهم من ذكرنا ممن يؤمن بوحدة الوجود، وهؤلاء إنما يوجدون على الغالب عند الصوفية، ولكن مع ذلك يوجد هؤلاء حتى عند غير الصوفية، حتى عند بعض الذين يحاربون التصوف جملة وتفصيلاً كالمعتزلة مثلاً، المعتزلة الذين يسمون أنفسهم بأهل التوحيد، وأنهم يفخرون على الطوائف الأخرى منها أهل الحديث ومنها الأشاعرة والماتريدية وغيرهم، هؤلاء ليسوا من أهل التوحيد وأهل العدل؛

<<  <  ج: ص:  >  >>