للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يسمونها بالمسائل الفرعية دون استعمال هذا الحديث في المسائل الأصولية أو الاعتقادية، وإن كان هذا اشتهر عند الأصوليين؛ فإنه مما لا شك ولا ريب فيه أن الحديث يشمل الاجتهاد في كلٍّ من الأمرين المذكورين، أي: سواء كان فرعاً أو أصلاً .. سواء كان عقيدة أو حكماً فقهياً، المهم: أن العالم المسلم لا يلقي هكذا الكلام على عواهنه، وإنما يجتهد في معرفة حكم ربه في كل ما كلف الله عز وجل به عباده سواء كان فرعاً أو أصلاً .. سواء كان فقهاً أو عقيدةً.

ومعلوم أن الله عز وجل يقول في صريح القرآن الكريم: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} (الإسراء:١٥) والآية ينبغي أن نتنبه للمعنى الحقيقي منها؛ لأن ظاهر الآية: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} (الإسراء:١٥) أي: بشخصه، وهذا بلا شك هو الخطوة الأولى من بعثة الرسول، ولكن ليس المقصود هو شخص الرسول بذاته وإنما المقصود دعوة الرسول عليه السلام أكثر من الشخص.

ونحن نقرب لكم القضية بمثلين سمحين سهلين جداً: بُعِثَ رسول ما إلى قوم ما، وفي هؤلاء القوم شخص أصم فهو لم يسمع دعوة الرسول، هذا بعث إليه الرسول إلى قومه لكنه لم يسمع دعوة هذا الرسول فهو لم تقم حجة الله عليه، وقيسوا على ذلك الشيخ الفاني بمعنى الخَرْفَان ونحو ذلك .. الأطفال الصغار، فهؤلاء بالرغم أنهم كانوا في الوقت الذي بعث الرسول إلى قومهم فهم لم تبلغهم الدعوة هذا هو المثال الأول.

واعكسوا الآن: دعوة هذا الرسول جاء إلى الجيل الثاني وهم لم يروا الرسول ولا سمعوا دعوته منه مباشرةً ولكن الدعوة بلغتهم فهل تشملهم الآية الكريمة؟ الجواب: نعم: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} (الإسراء:١٥).

فإذاً: إما أن تكون الحجة تقوم بواسطة الرسول مباشرةً، أو بواسطة غيره ممن

<<  <  ج: ص:  >  >>