للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كثيرًا مع بعض الرائين فكنا نسألهم بعضهم يقول: رأيت النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ووجهه ولحيته بيضاء كلها نور يتوهم, أنه يصف حقيقة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وما درى أن هذا الوصف باطل إلى ما وصف به النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يدريه ويعلمه من كان على علم واسع بشمائل النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، فإننا نقرأ في صحيح البخاري وغيره عن أنس ابن مالك رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ما شانه الله ببيضاء, فإذن كيف يصف المرئي في منامه بأن له لحية بيضاء، وإن كان يضيف إلى ذلك بأنها من نور والرسول عليه السلام لا يجوز أن يوصف بأنه كان شائبًا لأنه كذب عليه - صلى الله عليه وآله وسلم - ويمكن أن هذا كذب يدخل في عموم قوله عليه الصلاة والسلام: «من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار» (١) وفي لفظ آخر: «من قال علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار» (٢) وهذا الحديث وإن كان ظاهره التقول عليه بالكلام على كلامه عليه الصلاة والسلام، فلا شك أنه يشمل أيضًا أن يُنسب إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - من الشمائل والأوصاف ما لم يكن عليها فمن ذلك وصفه عليه السلام بأنه كان شائبا أبيض اللحية لكثرة الشيب في لحيته فهذا كذب لما ذكرته آنفًا من حديث أنس، وفي رواية أخرى عنه أن الشعرات البيضاء لا يتجاوز عددها عشرين شعرة ...

فهذا الرائي الذي يقول: رأيته ذا لحية بيضاء إلى آخر كلامه يدل على أنه لم ير النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، ذلك لأنه يقول عليه الصلاة والسلام: «من رآني في المنام فقد رآني حقًّا» من رآني: يعني بأوصافي وبشمائلي مش بالخيال لا يطابق ما كنت عليه في حياتي، لذلك كان إمام المؤولين للرؤى وهو تابعي جليل محمد ابن سيرين


(١) البخاري (رقم١٢٢٩) ومسلم (رقم٤).
(٢) البخاري رقم (١٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>