للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثم عقب عليه قائلا]:

ليس الحديث أيضاً في محل النزاع إذ هو في فناء النار ودخول أهلها الجنة، وهؤلاء الثلاثة الأولون ليسوا بمشركين، فإنهم كانوا في دار الدنيا غير مكلفين، فلم يتحقق منهم أنهم كانوا مشركين، وليسوا ممن دخل النار ثم فنيت وهم فيها: والرابع الذي مات في الفترة مخاطب بشرع من قبله بنص قوله تعالى: {وإن من أمة إلا خلا فيها نذير} (فاطر: ٢٤) ... وهو حديث مشكل.

[فعلق الإمام قائلاً]:

قلت: لم يتبين لي وجه الإشكال إلا أن يكون بدا له التعارض بين الآية { .. إلا خلا فيها نذير} وبين قوله الذي مات في الفترة: «ما أتاني من نذير». فإن كان هذا هو المشكل فلا إشكال عندي؛ لأنه ليس من الضروري أن تبلغ النذارة كل فرد من أفراد كل أمة، بل يمكن أن يكون في كل أمة من لم تبلغهم الدعوة، حتى في هذه الأمة المحمدية، فمن الذي يستطيع أن يقول بأن سكان القطب الشمالي والقطب الجنوبي قد بلغتهم دعوة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، لا سيما قبل عصرنا هذا الذي تيسرت فيه طرق التبليغ كالراديو وغيره، ولكن أين المبلغون للدعوة إليهم وإلى أمثالهم على وجه الأرض وبلغاتهم؟ بل أين المبلغون للدعوة الحق التي نزلت على قلب محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - للمسلمين أنفسهم حين انحرف الكثيرون منهم عنها، بل وحاربوها،

<<  <  ج: ص:  >  >>