للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زيارتهم بعد الوفاة ففي الحياة أولى، وفيه النهي عن الاستغفار للكفار».

وقال في شرح حديث أنس هذا:

«فيه أن من مات على الكفر فهو في النار, ولا تنفعه قرابة المقربين، وفيه أن من مات على الفترة على ما كانت عليه العرب من عبادة الأوثان فهو من أهل النار, وليس هذا مؤاخذة قبل بلوغ الدعوة, فإن هؤلاء كانت قد بلغتهم دعوة إبراهيم وغيره من الأنبياء صلوات الله تعالى وسلامه عليهم».

قلت: وفي كلام الإمام النووي رد صريح على زعم (أبو زهرة) أن أهل الفترة الذين كانوا من قبل بعثة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لا يعذبون! ومع أن قوله هذا مجرد دعوى, لأنه لا يلزم من صحة القاعدة - وهي هنا أن من لم تبلغه الدعوة لا يعذب - أن الشخص الفلاني أو الأمة الفلانية لم تبلغهم الدعوة, بل هذا لا بد له من دليل كما هو ظاهر, وهذا مما لم يعرج عليه (أبو زهرة) مطلقاً, وحينئذ يتبين للقارئ الكريم كم قد تجنى على العلم حين رد حديث أنس, وتأول أحاديث الزيارة بما يفسد دلالتها بمجرد هذه الدعوى الباطلة؟!

وإن مما يؤكد لك بطلانها مخالفتها لأحاديث كثيرة جدّاً يدل مجموعها على أن الصواب على خلافها, وأرى أنه لا بد هنا من أن أذكر بعضها:

١ - قوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «رأيت عمرو بن عامر الخزاعي يجر قصبه في النار, كان أول من سيب السوائب». رواه الشيخان.

وفي رواية: «كان أول من غير دين إسماعيل».

٢ - سألوه - صلى الله عليه وآله وسلم - عن عبد الله بن جدعان, فقالوا: كان يقرى الضيف, ويعتق, ويتصدق, فهل ينفعه ذلك يوم القيامة؟ فقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>