للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قال قائل: ما تقولون في الاستواء؟ قيل (له) (١) نقول: إن الله مستو على عرشه كما قال: {بل رفعه الله إليه} وقال حكاية عن فرعون: {وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحاً لعلي أبلغ الأسباب، أسباب السموات فأطلع إلى إله موسى وإني لأضنه كاذباً} فكذب موسى في قوله: إن الله فوق السموات وقال عز وجل: {أأمنتم من في السماء} يعني جميع السموات فقال: {وجعل القمر فيهن نوراً} ولم يرد أن يملؤهن جميعاً، "وأنه فيهن جميعاً" قال: ورأينا المسلمين جميعاً يرفعون أيديهم - إذا دعوا - نحو السماء لأن الله مستو على العرش الذي هو فوق السماوات، فلولا أن الله على العرش لم يرفعوا أيديهم نحو العرش.

وقد قال قائلون من المعتزلة والجهمية والحرورية: إن معنى استوى: استولى وملك وقهر، وأنه تعالى في كل مكان، وجحدوا أن يكون على عرشه، كما قال أهل الحق، وذهبوا في الاستواء إلى القدرة، فلو كان كما قالوا كان لا فرق بين العرش وبين الأرض السابعة لأنه قادر على كل شيء، والأرض شيء، فالله قادر عليها وعلى الحشوش، وكذا لو كان مستوياً على العرش بمعنى الاستيلاء، لجاز أن يقال: هو مستو على الأخلية والحشوش، فبطل أن يكون الاستواء {على العرش}: الاستيلاء.

وذكر أدلة من الكتاب والسنة والعقل سوى ذلك (٢).

وكتاب "الإبانة" من أشهر تصانيف أبي الحسن، شهره الحافظ ابن عساكر واعتمد عليه، ونسخه بخطه الإمام محيي الدين النووي.


(١) زيادة من المخطوطة، وقد وقعت هذه الزيادة في " الإبانة " بعد "قيل" ولعله الأقرب إلى الصواب. [منه].
(٢) "الإبانة" (ص ٣٤ ـ ٣٧). [منه].

<<  <  ج: ص:  >  >>