للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرحمن على العرش استوى. كلام لا ندري ما معناه، فقد خالفنا السلف الصالح، كما هو الشأن في كل الصفات التي نؤمن بها معهم دون تشبيه ودون تعطيل.

دون تشبيه لقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} (الشورى:١١)، دون تعطيل لقوله: {وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} (الشورى:١١)، فبعض الفرق القديمة من المعتزلة كانوا يعطلون الله عن هاتين الصفتين: صفة السمع والبصر، فيقولون: يعني هو عليم.

الله عليم ثابت؛ {وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (البقرة:٢٩)، لكن هنا يقول: {وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} (الشورى:١١)، وأنكروهما؛ لأنهم يتوهمون أننا إذا آمنا بما جاء في كتاب ربنا بدون تشبيه، مع ذلك بظنهم أننا نشبهه.

فهذا بحث يطول ونهايته أن يؤدي بهؤلاء المعطلة إلى إنكار وجود الله تبارك وتعالى من الأصل، وقد أشار إلى ذلك الإمام ابن القيم الجوزية رحمه الله، حين قال: المجسم إنما يعبد صنماً، والمعطل إنما يعبد عدماً.

كلاهما ضال، لكن أيهما أشد ضلالاً؟ الذي نفى نفياً مطلقاً؛ لأنهم يقولون ... - وهذا ذكرناه في بعض مجالسنا القديمة -، حينما يتحدثون عن الله عز وجل وأنه على العرش استوى، يقولون: لا، لا يوصف ربنا، لا يقال فيه عز وجل -عندهم-: الله فوق، لا يقال: فوق. لا هو فوق، لا هو تحت، لا هو يمين، لا هو يسار، لا هو داخل العالم، ولا خارجه.

إذاً: رجعوا إلى العدم؛ لذلك قال ابن القيم بحق: المعطل يعبد عدماً

محضاً.

فإذا لم يكن لا داخل العالم ولا خارجه، لو قيل لأفصح الناس بياناً: صف لنا

<<  <  ج: ص:  >  >>