للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صحيح، وله دلالة واضحة صريحة، فيُعطلِّون هذه الدلالة ويأتون بمعنى غير متبادر للذهن لذاك النص القرآني أو الحديث النبوي، فهذا معناه: أنه ما اتبعوا الكتاب ولا السنة، لكنهم لا نستطيع أن نقول: ما اتبعوا الكتاب والسنة إنكاراً لهما، وإنما دوراناً عليهما، وخروجاً عن دلالتهما الصريحة باسم التأويل ولذلك قلت التأويل أخو التعطيل.

نحن نضرب مثلاً عادياً: إذا قال الرجل العربي: جاء الملك فما يتبادر إلى ذهنه إلى ذهن المخاطبين بكلامه أنه يعني جاء خادم الملك هو قال جاء الملك، فالسامعون لا يفهمون من كلامه أنه يعني: جاء خادم الملك، بل ولا يفهمون منه أنه جاء وزير الملك، فلو أن رجلاً عربياً تكلم بهذه اللفظة العربية، بهذه الجملة العربية جاء الملك فأحد السامعين قال: يعني: خادم الملك، هذا عطل كلام هذا المتكلم ... فما بالكم إذا كان الكلام المُعطَّل هو كلام الرب تبارك وتعالى؟! فيأتي المعتزلة ويتبعهم في ذلك الماتريدية والأشاعرة، فيتأولون بعض الآيات القرآنية والأحاديث النبوية بمثل هذا التأويل الذي قلنا عنه بحق: إنه أخو التعطيل.

في الآية الكريمة: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} (الفجر:٢٢) جاء ربك، ولا تشبيه مثلما قلنا آنفاً جاء الملك، لا، ما جاء الملك، من أتى؟ خادم الملك، وزير الملك، في فرق بين خادم الملك ووزيره طبعاً، مع ذلك فإذا فُسِّر بوزير الملك يكون عاطل باطل، وإذا فُسِّر بخادم الملك فهو أعطل، نعم.

فقولهم في تفسير قول ربنا عز وجل: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} (الفجر:٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>