للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذاً: صار هنا اشتراك بوجود الله ووجود الإنسان، تنكروا إذاً ووجود الله، وتخرجوا من المشاكل كلها، لا وجود غير وجودنا، كلمة حق اثبتوا عليها، وجوده غير وجودنا، صفاته غير صفاتنا، وانتهت المشكلة.

فنقول: كلامه ليس ككلامنا، بصره ليسه كبصرنا، سمعه، كل ما أثبت الله عز وجل له من صفات هي لا تشبه صفات المخلوقات، كما في الآية السابقة: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} (الشورى:١١).

إذاً: جهمية العصر الحاضر هم الذين يلتقون مع الجهمية الأولين في إنكار بعض صفات الله، أولئك نفوا صفات الله كلها، هؤلاء يشتركون مع الجهمية القديمة، في إنكار بعض الصفات باسم التنزيه، لكن حقيقة التنزيه أن نثبت لله عز وجل ما أثبته لنفسه دون تكييف ودون تشبيه، وبهذه المناسبة يقول ابن القيم الجوزية رحمه الله كلمة حق وهي:

العلم قال الله قال رسوله ... قال الصحاب ليس بالتمويه

ما العلم نصبك للخلاف سفاهة ... بين الرسول وبين رأي فقيه

فنفي الصفات خوفاً من التشبيه والتعطيل، هذا مذهب المعتزلة الذين هم فرع من الجهمية، ومذهب بعض المعاصرين اليوم ممن يلتقون مع أولئك في بعض ما أنكروا من الصفات.

ويحضرني أيضاً في هذه المناسبة قصة وقعت لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في زمانه، والحقيقة أنه كان عالماً فذاًّ في إحاطتة بعلم الكتاب والسنة، زائد معرفته بعقائد الفرق المخالفة بما فيهم الفلاسفة الذين ينكرون الشرائع، فكان من مزاياه الشجاعة التي قلما توجد مع الأسف في أهل العلم، فشكوه إلى الوالي في

<<  <  ج: ص:  >  >>