للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا قال قائل مثلاً: "جاء الأمير " فيأتي متأول من أمثال أولئك المتأولين فيقول في تفسير هذه الجملة القصيرة: يعني جاء عبد الأمير أو نحو ذلك من التقدير. فإذا أنكرت عليه ذلك أجابك بأن هذا مجاز فإذا قيل له: المجاز لا يصار إليه إلا عند تعذر الحقيقة وهي ممكنة هنا أو لقرينة, لا قرينة هنا (١) سكت أو جادلك بالباطل.

وقد يقول قائل: وهل يفعل ذلك عاقل؟ قلت: ذلك ما صنعه كل الفرق المتأولة الذين ينكرون حقائق الأسماء والصفات الإلهية من المعتزلة وغيرهم ممن تأثر بهم من الخلف ولا نبعد بك كثيرا بضرب الأمثال وإنما نقتصد مثلين من القرآن الكريم أحدهما يشبه المثال السابق تماما والآخر له صلة بصلب موضوع الكتاب:

الأول: قوله تعالى: {وجاء ربك والملك صفا صفا} فقيل في تأويلها: وجاء ربك (٢) وقيل غير ذلك من التأويل. ونحو كذلك أولوا قوله تعالى: {هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الأمر}. فقال بعضهم: يأتيهم الله بظلل. فنفى بذلك حقيقة الإتيان اللائق بالله تعالى بل غلا بعض ذوي الأهواء فقال: " قوله تعالى: «هل ينظرون» حكاية عن اليهود, والمعنى أنهم لا


(١) ١) قرائن المجاز الموجبة للعدول إليه عن الحقيقة ثلاث:
العقلية كقوله تعالى: [واسأل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها] أي أهلهما. ومنه: [واخفض لهما جناح الذل].
الثانية: الفوقية مثل [يا هامان ابن لي صرحا] أي مر من يبني؛ لأن مثله مما يعرف أنه لا يبني.
الثالثة: نحو [مثل نوره] فإنها دليل على أن الله غير النور.
قال أهل العلم: وأمارة الدعوة الباطلة تجردها عن أحد هذه القرائن انظر: "إيثار الحق على الخلق" (ص ١٦٦ - ١٦٧) للعلامة المرتضى اليماني [منه].
(٢) كدا ولعل صوابها: جاء [أمر] ربك.

<<  <  ج: ص:  >  >>