للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم ترفعُ له شجرةٌ عند باب الجنة هي أحسن من الأولَيَيْنِ، فيقولُ: أيْ ربِّ! أدنني من هذه لأستظلَّ بظلِّها، وأشربَ من مائها، لا أسألُكَ غيرها! فيقولُ: يا ابن آدمَ! ألمْ تعاهدني أن لا تسألَني غيرها؟ قال: بلى يا ربِّ! هذه لا أسألُك غيرها، وربُّه يعذرُه؛ لأنه يرى ما لا صَبْرَ له عليها، فيدنيه منها.

فيسمعُ أصوات أهل الجنة فيقولُ: أيْ ربِّ! أدخِلنِيها، فيقول: أيِ ابنَ أدمَ! ما يَصْرِيني منكَ؟ أيرضيك أن أعطيكَ الدنيا ومثلَها معَها؟ قال: يا ربِّ! أتستهزئ مني وأنت ربُّ العالمين؟

فضحكَ ابنُ مسعودٍ، فقالَ: ألا تسألوني ممَ أضحكُ؟ فقالوا: ممَ تضحكُ؟ قال: من ضَحِكِ ربِّ العالمين حين قال: أتستهزئ مني وأنتَ ربُّ العالمين؟ فيقول: إني لا أستهزئُ منكَ، ولكنِّي على ما أشاء قادر.- وفي رواية: قدير"

[قال الإمام]:

(فائدة): قوله: "ولكني على ما أشاء قادر- أو قدير- ": فيه دليل على جواز استعمال هذه الكلمة: "إن الله تعالى على ما يشاء قدير"، وقد كنت توقفت عنها حين علقت على قول الطحاوي في "العقيدة" (ص ٢٠): "ذلك بأنه على كل شيء قدير" كلمة للشيخ ابن مانع- رحمه الله- أن ذلك ليس بصواب (١)، وأن الصواب ما في الكتاب والسنة (وهو على كل شيء قدير) لعموم مشيئة الله وقدرته .. إلخ كلامه. ثم وقفت بعد ذلك على هذه الكلمة في هذا الحديث في "صحيح مسلم "، فخشيت- متأثراً بكلام الشيخ- أن تكون شاذة في الحديث؛ أو خطأ من بعض الرواة، فتريَّثت حتى يتسنى لي تخريجه والنظر في إسناده ورواته.


(١) أي تعبير بعض الناس بقولهم: "وهو ما يشاء قدير".

<<  <  ج: ص:  >  >>