للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله في هذه الآية، تنزيه وإثبات، تنزيه الله عز وجل عن مشابهته للحوادث، وإثبات الصفات لله عز وجل التي أثبتها الله عز وجل لنفسه، فصفات الله كثيرة، وهي مبثوثة في نصوص الكتاب والسنة، وفي بعضها اتفاق وفي كثير منها اختلاف، ويهمنا الآن البحث بصورة خاصة في صفة من هذه الصفات التي اختلف فيها المسلمون منذ أن وجدت المعتزلة وتأثر من تأثر بهم ممن ينتمي إلى مذهب أهل السنة كالأشاعرة بصورة خاصة، فالمعتزلة أنكروا كثيراً من الصفات الثابتة في الكتاب والسنة؛ يهمنا البحث الآن في صفة العلو لله العلي الغفار:

فقد ذهبت المعتزلة وتبعتهم الأشاعرة ثم لحقهم في ذلك جميع المسلمين الذين هم اليوم على وجه الأرض إلا قليلاً منهم وهم أهل الحديث، المعتزلة والأشاعرة وأكثر المسلمين اليوم ينكرون أن يكون الله تبارك وتعالى فوق مخلوقاته كلها، بل يُصرِّحون بأن الله عز وجل في كل مكان، وأن الله تبارك وتعالى موجود في كل الوجود، أما الآيات الكثيرة والأحاديث الأكثر التي تثبت لله صفة علوه على خلقه فهم يتأولونها بتأويل يعطلون معانيها، أي: هذه التآويل تؤدي بهم إلى إنكار حقائق هذه المعاني التي تضمنتها النصوص المشار إليها من الكتاب والسنة، فمثلاً: من هذه النصوص الصريحة في إثبات العلو لله عز وجل الآية السابقة: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (طه:٥) فهم يؤولون هذه الآية فيعطلون معنى العلو فيها بقولهم: الرحمن على العرش استوى أي: استولى، هكذا يفسرون الآية، الرحمن على العرش استوى يعني: استولى من الاستيلاء، ويحتجون على ما ذهبوا إليه من التأويل المذكور بشعر معروف وهو:

استوى بشر على العراق بغير سيف ودم مهراق

<<  <  ج: ص:  >  >>