للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قالوا لنا في الاستواء: شبهتم, نقول لهم في السمع: شبهتم ووصفتم ربكم بالعرض, فإن قالوا: لا عرض بل كما يليق به, قلنا في الاستواء والفوقية: لا حصر بل كما يليق به, فجميع ما يلزمونا به في الاستواء والنزول واليد والوجه والقدم والضحك والتعجب من التشبيه نلزمهم به في الحياة والسمع والبصر والعلم, فكما لا يجعلونها هم أعراضاً. كذلك نحن لا نجعلها جوارح ولا ما يوصف به المخلوق وليس من الإنصاف أن يفهموا في الاستواء والنزول والوجه واليد صفات المخلوقين فيحتاجوا إلى التأويل والتحريف.

ومن أنصف عرف ما قلنا واعتقده وقَبِلَ نصيحتنا, ودان لله بإثبات جميع صفاته هذه وتلك, ونفى عن جميعها التشبيه والتعطيل والتأويل والوقوف. وهذا مراد الله منا في ذلك؛ لأن هذه الصفات وتلك جاءت في موضع واحد وهو الكتاب والسنة, فإذا أثبتنا تلك بلا تأويل وحرفنا هذه وأولناها كنا كمن آمن ببعض الكتاب وكفر ببعض وفي هذا بلاغ وكفاية إن شاء الله تعالى "

قلت: لقد وضح من كلام الإمام كالجويني رحمه الله تعالى السبب الذي حمل الخلف - إلا من شاء الله - على مخالفة السلف في تفسير آية (الاستواء) وهو أنهم فهموا منه - خطأً كما قلنا - استواء لا يليق إلا بالمخلوق وهذا تشبيه فنفوه بتأويلهم إياه بالاستيلاء ومن الغريب حقًّا أن الذي فروا منه بالتأويل قد وقعوا به فيما هو أشر منه بكثير ويمكن حصر ذلك بالأمور الآتية:

الأول: التعطيل وهو إنكار صفة علو الله على خلقه علوا حقيقيا يليق به تعالى. وهو بين في كلام الإمام الجويني

الثاني: نسبة الشريك لله في خلقه يضاده في أمره؛ فإن الاستيلاء لغة لا يكون

<<  <  ج: ص:  >  >>