للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك إذًا: أن الله لما خلق الخلق دخل فيه، فصار المرجع وصار له مأوى، وصار محاطًا في هذا المكان، صار المكان مرابطًا له تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرًا؛ لأنهم يقولون: الله في كل مكان هذه واحدة.

والأخرى: أن الأماكن ليست بنسبة واحدة من حيث الطهارة والنظافة .. من حيث السمو والرفعة والقذارة، وإنما يختلف مكان من مكان، وقد جاء في الحديث الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال: «خير البقاع المساجد، وشر البقاع الأسواق» (١) تُرى! ربنا موجود على حد تعبيرهم في كل مكان، موجود في المساجد وموجود في الأسواق، فهل هذا يليق بالله عز وجل العلي القدير أنه يكون في شر الأماكن؟! وليس هذا فقط، ففي الأسواق البيوت، وفي البيوت الكُنُف .. بيت الخلاء .. في الخلاء له مجاري تصب في البحر أو في الوادي أو ما شابه ذلك، هذه كلها أمكنة بل لا نذهب بعيدًا أن بطن الإنسان الممتلئ قذارة هو مكان، بدليل أنه يتنفس الهواء ويأكل الطعام، ويشرب الشراب، كل هذا مكان، فهل ربنا عز وجل في هذه الأمكنة حقًا كما يزعمون، الله موجود في كل مكان، كيف جاء هذا والله يقول: {أَأَمِنتُمْ مَنْ في السَّمَاءِ} (الملك:١٦) الآية كما ذكرنا آنفًا.

{تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} (المعارج:٤) ليس تنزل عليه في كل مكان، كذلك: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} (فاطر:١٠) كل هذه النصوص في مخ الشيخ الشعراوي متعطلةً تمامًا فهو لا يؤمن بها ولذلك استنكر على صاحبنا لما وجه إليه سؤالًا نبويًا، أين الله؟ قال: أعوذ بالله، هذا ما يصح أن يقال، طيب! لو قيل: ما هو الجواب؟ الله موجود في كل مكان.


(١) "صحيح الجامع" (رقم٣٢٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>