للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليس الله في مكان، أيضاً لا نقول هو في مكان وليس في مكان؛ لأننا إذا قلنا بزعمهم الله على العرش استوى، جعلناه في مكان، وترجع القضية إلى ذلك الأمير أمير دمشق في زمانه الذي تناقش ابن تيمية مع مشايخ مخالفين له أمامه، فلما سمع قول المشايخ وردَّ ابن تيمية عليهم، قال بكل صراحة: إن هؤلاء قوماً أضاعوا ربهم.

والحقيقة أنا سمعت هذه العبارة على المنبر من أحد مشايخي سعيد البرهاني الذي تلقيت على يديه مبادئ الفقه الحنفي، على المنبر كان يقول: لا يجوز أن نقول إن الله عز وجل فوق ولا تحت ولا يمين ولا يسار لا أمام ولا خلف لا داخل العالم ولا خارجه، هذا معنى كلام ذاك الأمير: إن هؤلاء قوم أضاعوا ربهم، لا داخل العالم ولا خارجه، هذا صفة العدم، أما لما يقول المسلم كما قال

الله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (طه:٥)، فإذاً: استوى استواءً كما يليق

بجلاله وعظمته.

قلنا له: نعم، هذا كلام أئمة السلف، فماذا في ذلك؟ قال: معنى ذلك أنكم جعلتموه في مكان، حصرتموه في مكان، جسمتموه، جسَّدتموه، قلت له: حاشا لله، والآن اسمع مني:

المكان هل هو مخلوق أم غير مخلوق؟ قال: مخلوق. قلت: أليس مشتقاً من الكون؟ قال: بلى. قلت: الكون محصور أم غير محصور؟ قال: محصور. قلت له: حسناً الآن ماذا فوقنا؟ قال: السماء الدنيا. قلنا: حسناً وفوقها الثانية السابعة. وفوق السماء السابعة ماذا يوجد؟ قال: العرش.

الشيخ: نعم.

<<  <  ج: ص:  >  >>