للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[قال الإمام في "مختصر العلو"]:

قلت: لكن الحديث الوارد فيه واه ... ، وتفسير بعضهم لقوله تعالى: {عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً} بإقعاده - صلى الله عليه وآله وسلم - على العرش مع مخالفته لما في "الصحيحين" وغيرهما أن المقام المحمود الشفاعة العظمى، فهو تفسير مقطوع غير مرفوع عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ولو صح ذلك مرسلاً لم يكن فيه حجة؛ فكيف وهو مقطوع موقوف على بعض التابعين؟!

وإن عجبي لا يكاد ينتهي من تحمس بعض المحدثين السالفين لهذا الحديث الواهي والأثر المنكر، ومبالغتهم في الإنكار على من رده، وإساءتهم الظن بعقيدته! وقد ساق المصنف رحمه الله تعالى في الأصل [أي: العلو] أسماء طائفة منهم (ص ١٢٤ - ١٢٦) وزاد أسماء آخرين في "مختصره" وإني لأراه كأنه أخذ بهيبتهم، فإنه يتردد بين مخالفتهم وموافقتهم! فإنه بعد أن نقل قول أبي بكر النجاد: "لو أن حالفاً حلف بالطلاق ثلاثاً أن الله يقعد محمداً - صلى الله عليه وآله وسلم - على العرش، لقلت: صدقت وبررت".

فقد تعقبه بقوله - وقد أجاد:

"فأبصر - حفظك الله من الهوى - كيف آل الغلو بهذا المحدث إلى وجوب الأخذ بأثر منكر، واليوم فيردون الأحاديث الصريحة في العلو بل يحاول بعض الطغاة أن يرد قوله تعالى {الرحمن على العرش استوى} ".

فهو - رحمة الله - يشير إلى أن الصواب التوسط بين هؤلاء المعطلة النفاة، والمغالين في إثبات ما لم يصح، ومع ذلك تراه في مكان آخر (ص ١٤٣) يعود إلى ذلك الأثر المنكر، محتفلاً به، ومصرحاً بأن فيه منقبة عظيمة انفرد بها سيد البشر - صلى الله عليه وآله وسلم - ويقول: «ويبعد أن يقول مجاهد ذلك إلا بتوقيف».

<<  <  ج: ص:  >  >>