للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه معين، فهذه قد لا يكون مقتضاها ثابتاً في نفس الأمر.

وسر المسألة أنه لا يجوز أن يكون الخبر الذي تعبد الله به الأمة وتعرف به إليهم على لسان رسوله - صلى الله عليه وآله وسلم - في إثبات أسمائه وصفاته كذباً وباطلاً في نفس الأمر، فإنه من حجج الله على عباده، وحجج الله لا تكون كذباً وباطلا، بل لا تكون إلا حقاً في نفس الأمر، ولا يجوز أن تتكافأ أدلة الحق والباطل، ولا يجوز أن يكون الكذب على الله وشرعه ودينه مشتبهاً بالوحي الذي أنزله على رسوله، وتعبد به خلقه، بحيث لا يتميز هذا عن هذا، فإن الفرق بين الحق والباطل، والصدق والكذب، ووحي الشيطان، ووحي الملك عن الله، أظهر من أن يشبه أحدهما بالآخر، ألا وقد جعل الله على الحق نوراً كنور الشمس يظهر للبصائر المستنيرة، وألبس الباطل ظلمة كظلمة الليل.

وليس بمستنكر أن يشتبه الليل بالنهار على أعمى البصر، كما يشتبه الحق بالباطل على أعمى البصيرة، قال معاذ بن جبل في قضيته (!) " تلق الحق ممن قاله، فإن على الحق نوراً " ولكن لما أظلمت القلوب، وعميت البصائر بالإعراض عما جاء به الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم -، وازدادت الظلمة باكتفائها بآراء الرجال التبس عليها الحق بالباطل، فجوزت على أحاديثه - صلى الله عليه وآله وسلم - الصحيحة التي رواها أعدل الأمة وأصدقها أن تكون كذباً، وجوزت على الأحاديث الباطلة المكذوبة المختلقة التي توافق أهواءها أن تكون صدقاً فاحتجت بها!

قال (٢/ ٣٧٩):

وإنما المتكلمون أهل ظلم وجهل، يقيسون خبر الصديق والفاروق وأبي بن كعب بأخبار آحاد الناس، مع ظهور الفرق المبين بين المخبرين، فمن أظلم ممن

<<  <  ج: ص:  >  >>