للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآن فلا .. هذه من لوازم فلسفة حديث التواتر وحديث الآحاد.

أنا أريد أن أقول: إن التفريق بين حديث التواتر وحديث الآحاد بأقسامه المستفيض والمشهور، هذه حقيقة واقعة، لكن من الذي يكشفها؟ يكشفها أهل العلم، هل من مصلحة عامة المسلمين أن تدرس هذه الفلسفة عليهم؟ الجواب: لا؛ لأن هذا يلقي على عقيدتهم كثيرًا من الشك والريب.

ثم إذا رجعنا إلى السلف الصالح ولأمر ما نحن ننتسب إلى السلف الصالح، ونفهم كيف تلقوا الإسلام، نجد أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أرسل أفرادًا وآحادًا إلى البلاد كبلاد اليمن وبلاد الشام ونحو ذلك يعلمون الناس العلم، وبخاصة من أشهر هؤلاء الرسل معاذ بن جبل، وعلي بن أبي طالب، وأبو موسى الأشعري، كل هؤلاء أرسلهم الرسول عليه السلام إلى اليمن كأفراد ولم يفعل كما يفعل التبليغيون اليوم حين يخرجون زرافات .. جماعات، وليس فيهم علماء، أرسل أفرادًا، وكان من جملة ما ثبت في الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لما أرسل معاذًا إلى اليمن قال له: «ليكن أول ما تدعوهم إليه: شهادة أن لا إله إلا الله» هذا أس العقيدة، أس التوحيد، [لكن] بزعم هؤلاء من علماء الكلام الذين جاءوا ببدعة حديث الآحاد لا تثبت به عقيدة معناه -وقد قالوا هذا مع الأسف الشديد، -معناه: أن الرسول عليه السلام أرسل داعية لا تقوم به الحجة على المدعوين؛ لأنه فرد، وهذا لو نسب إلى شخص لكان عبثًا فكيف ينسب إلى الرسول عليه الصلاة والسلام؟!

وهكذا كل الأخبار تترا بأن السلف الصالح لا يفرق بين خبر الآحاد وخبر اثنين أو أكثر إلى آخره، لكن لا شك أن هذا التفريق أمر واقع ما له دافع.

(فتاوى جدة -الأثر-" (٣/ ٠٠:٠٤:٠٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>