للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التفريق بين العبادة وبين العقيدة .. من محدثات الأمور، سلفنا الصالح لا يعرفون هذا التفريق إطلاقاً، والوقائع التي تروى لنا في السنة الصحيحة في إرسال الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - الدعاة من أصحابه إلى العرب وإلى العجم يدل على بطلان هذا التفريق بين العقيدة وبين العبادة، فالعبادة تثبت بحديث صحيح عندهم، والعقيدة لا تثبت بالحديث الصحيح، لا بد أن يكون هذا الحديث حديثاً متواتراً، هؤلاء الحقيقة أنا أعتبرهم مرضى، وبقدر ما أنزعج من خطئهم وضلالهم، بقدر ما أشفق عليهم لمرضهم؛ لأن المرض كما يكون مادياً يكون أيضاً معنوياً، فالكفر والضلال الذي يسيطر على كثير من العباد هو مرض، ولذلك فيجب أن نعالج أمراض هؤلاء بالدعوة إلى الله، كما قال تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} (النحل:١٢٥)، كلنا يعلم لا فرق بين عالم وطالب علم، وبين مثقف وبين عامي، كلنا يعلم أن الإسلام ما انتشر في أول الزمان وفي آخر الزمان إلا بدعاة من الأفراد، يعني ما كان يفعل السلف الأول، كما يفعل الخلف اليوم، يخرجون بالعشرات، إلى أين، قالوا: إلى الدعوة، وهم بحاجة إلى من يدعوهم، فيخرجون دعاةً وهم لا يحسنون الدعوة، وهم لا يعرفون الدعوة ولا يعرفون الدليل من الكتاب والسنة، وأظنكم لستم بحاجة إلى التصريح بمن أعني بهذا الكلام، فالكلام واضح جداً، لم يكن عمل السلف أن يخرج جماعة فيهم واحد متفقه قليلاً، والجماعة من عامة المسلمين إلى أين؟ إلى القبائل العربية الجاهلة لتعليمهم، إلى المشركين من يهود ونصارى، ما كان هكذا عمل السلف، ولا كان رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يرسل هكذا من أفراد وإنما يرسل من نخبة أصحاب الرسول عليه السلام علماً وأخلاقاً وعبادةً، ومن أشهر هؤلاء علي بن أبي طالب، ومعاذ بن جبل، وأبو موسى الأشعري، وأبو عبيدة بن الجراح، ونحو هؤلاء من كبار الصحابة، فمعاذ بن جبل ذهب يدعو إلى اليمن، إلى ماذا دعا؟ دعا إلى العبادة

<<  <  ج: ص:  >  >>