للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ: لا، هذا كلام .. هذا تحميل للحديث الصحيح هذا ما لا يتحمل، ومن هنا ندخل في بحث هام جدًا قد يغفل عنه كثير من طلبة العلم إن لم أقل: قد يغفل عنه بعض أهل العلم أو على الأقل بعض من ينتسب إلى أهل العلم، قوله عليه السلام: «إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم» له مناسبة، هذه المناسبة تَشْرَحُ وتُبَيٍّنُ للسامع للحديث المعنى الصحيح المقصود من الحديث، فلا يسعه حينذاك أن يحمله ما لا يتحمل من المعنى؛ الحديث في صحيح البخاري، وفي باب الاعتكاف منه بصورة خاصة، أو كتاب الاعتكاف الذي يلي كتاب الصيام، أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كان معتكفًا في مسجده فزارته زوجته صفية وجلست عنده مدة، ثم خرج معها يقلبها إلى أهلها فوقف معها في جانب في الطريق، وهو معها يتحدث مر رجلان من الأنصار فوقع بصرهما على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وبجانبه امرأة، هم لا يعرفونها بطبيعة الحال؛ لأن نساء النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كن يحتجبن حتى في وجوههن وجوبًا وخصوصيةً للنبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، ولذلك كانت الفضليات .. النساء الفاضلات من الصحابيات الجليلات يغطين أيضًا وجوههن تشبهًا بنساء الرسول عليه السلام أمهات المؤمنين.

فما عرف هذان الرجلان هذه المرأة التي وقف الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - معها، فسارعا السير والمشي، فقال لهما عليه الصلاة والسلام: «على رسلكما إنها صفية - زوجتي -» قالا: «يا رسول الله!» إن كنا نشك في أحد فما كنا لنشك بك يا رسول الله» .. قال: «إن الشطيان يجري من الإنسان - وفي لفظ روايات - من ابن آدم مجرى الدم» إذا ربطنا هذا الحديث بمناسبته انكشف لنا المراد منه؛ يجري من الإنسان من ابن آدم مجرى الدم بالوسوسة، وليس بالإيذاء والصرع كما زعم المشار إليه في كلام السائل.

"لقاءات المدينة" (٢/ ٠٠:٣٧:٠٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>