للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: ومما سبق تعلم بطلان الإجماع الذي ذكره ابن قدامة في "المغني" (٢/ ٥٦٩) على وصول ثواب القراءة إلى الموتى، وكيف لا يكون باطلاً، وفي مقدمة المخالفين الإمام الشافعي رحمه الله تعالى. وهذا مثال آخر من أمثلة ما ادعى فيه الإجماع وهو غير صحيح، وقد سبق التنبيه على هذا قريباً.

الثالث: أن هذا القياس لو كان صحيحاً، لكان من مقتضاه استحباب إهداء الثواب إلى الموتى ولو كان كذلك لفعله السلف، لأنهم أحرص على الثواب منا بلا ريب، ولم يفعلوا ذلك كما سبق في كلام ابن كثير، فدل هذا على أن القياس المذكور غير صحيح، وهو المراد.

وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في " الاختيارات العلمية " (ص ٥٤): "ولم يكن من عادة السلف إذا صلوا تطوعاً أو صاموا تطوعاً أو حجوا تطوعا، أو قرؤوا القرآن يهدون ثواب ذلك إلى أموات المسلمين، فلا ينبغي العدول عن طريق السلف فإنه أفضل وأكمل".

وللشيخ رحمه الله تعالى قول آخر في المسألة، خالف فيه ما ذكره آنفا عن السلف، فذهب إلى أن الميت ينتفع بجميع العبادات من غيره!. وتبنى هذا القول وانتصر له ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه "الروح" بما لا ينهض من القياس الذي سبق بيان بطلانه قريباً، وذلك على خلاف ما عهدناه منه رحمه الله من ترك التوسع في القياس في الأمور التعبدية المحضة لاسيما ما كان عنه على خلاف ما جرى عليه السلف الصالح رضي الله عنهم وقد أورد خلاصة كلامه العلامة السيد محمد رشيد رضا في "تفسير المنار" (٨/ ٢٥٤ - ٢٧٠) ثم رد عليه ردًّا قويًّا، فليراجعه من شاء أن يتوسع في المسألة ..

<<  <  ج: ص:  >  >>