للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما خلق نفوس تعمل الشر في الدنيا والآخرة لا يكون إلا في العذاب، فهذا تناقض يظهر فيه من مناقضة الحكمة والرحمة ما لا يظهر من غيره، ولهذا كان من الجهم (١) لما رأى ذلك ينكر أن يكون الله أرحم الراحمين وقال: بل يفعل ما يشاء. والذين سلكوا طريقته كالأشعري وغيره ليس عندهم في الحقيقة له حكمة ورحمة، لكن له علم وقدرة وإرادة لا ترجح أحد الجانبين، ولهذا لما طلب منهم أن يقروا بكونه حكيماً، فرده بأنه عليم، إذ قد يراد،: يريد وليس من الثلاثة ما يقتضي الحكمة، وإذا ثبت أنه حكيم رحيم وعلم بطلان قول الجهم تعين إثبات ما تقتضيه الحكمة والرحمة.

وما قاله المعتزلة أيضاً باطل، فقول القدرية المجبرة والنفاة في حكمته ورحمته باطل، ومن أعظم ما غلَّطهم اعتقادهم تأبيد جهنم فإن ذلك يستلزم ما قالوه، وفساد اللازم يستلزم فساد الملزوم" انتهى (٢).

وأنت ترى في هذه الصفحات المنقولة عن رسالة ابن تيمية شبهاً كبيراً فيما جاء فيها من الأمور بكلام ابن القيم في " الحادي " الذي نقل المؤلف خلاصات منه ورد عليها، مع فارق من حيث الإيجاز والبسط من جهة، وعدم تعرضه لكثير من المسائل والأحاديث والأدلة من جهة أخرى، وإن كان من الممكن أن يقال: أن من الجائز أن يكون ابن تيمية قد تعرض لذلك أيضاً في " رسالته " ولكن كاتب تلك الصفحات اختصرها كما يدل عليه قوله في أولها عن ابن تيمية: " وأما القول بفناء النار "، وقول الكاتب في آخر ثلث الصفحة الثانية من الثلاث: (انتهى) وكذا قال في آخر الثالثة أيضاً. والله أعلم، ولقد كان أملي كبيراً في أن أجد رسالة ابن


(١) هو الجهم بن صفوان المقتول سنة ١٢٤ هـ. [منه].
(٢) هنا انتهت الصفحات الثلاث المخطوطة. [منه].

<<  <  ج: ص:  >  >>