للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مطاع، وإما بفضل الله ورحمته ومغفرته فإنه {لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء}.

فهذا منه رحمه الله كالتفصيل لكلام ابن القيم، وهو يقيده ويبين أن الإخلاف للوعيد إنما يكون لمانع، من تلك الموانع وليس منها الشرك بداهةً، فإن الله لا يغفره.

فتأمل في هذا يتبين لك خطأ ابن القيم في بعض مما يدعيه ويعزوه لأهل السنة دون قيد أو شرط، فيكون ذلك مثار شبهة عنده، تحمله على أن يتأول النصوص القاطعة الدلالة، فيخرج بذلك عما عليه أهل السنة والجماعة، فيقع في الخطأ من حيث لا يدري ولا يشعر.

وإن من العجيب حقا أن ينفرد بالاغترار بكلامه في هذه المسألة الخطيرة العلامة السيد محمد رشيد رضا رحمه الله تعالى؛ لما تعلم عنه من استقلاله في الفهم، وبعده عن الجمود والتقليد، فإنه مع ذلك تابعه عليه دون كل من وقفنا على كلامه من المحققين الذين وقفوا عليه ولم يتابعوه أمثال الآلوسي أباًّ وابناً وغيرهما ممن سبق ذكره، فقد نقل السيد رشيد كلام ابن القيم على طوله من " حادي الأرواح " في تفسير سورة (الأنعام) (ج ٨ ص ٦٩ - ٩٩) تحت " فصل في الخلاف في أبدية النار وعذابها " وختمه مفصحاً عن إعجابه به بقوله: "وإنما أوردناه بنصه على طوله لما تضمنه من الحقائق التي نوهنا بها، ولأمر آخر أهم وهو أننا نعلم أن أقوى شبهات الناس من جميع الأمم على الدين قول أهل كل دين من الأديان المشهورة أنهم هم الناجون وحدهم وأكثر البشر يعذبون عذاباً شديداً دائماً لا ينتهي أبداً، بل تمر ألوف الألوف المكررة من الأحقاب والقرون ولا يزداد إلا شدة وقوة وامتدادا، مع قولهم ولا سيما المسلمين منهم: إن الله تعالى

<<  <  ج: ص:  >  >>