للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أرحم الراحمين، وإن رحمة الأم العطوف الرؤوم بولدها الوحيد ليست إلا جزاءً صغيراً من رحمة الله التي وسعت كل شيء، وهذا البحث جدير بأن يزيل شبهة هؤلاء، فيرجع المستعدون منهم إلى دين الله تعالى مذعنين لأمره ونهيه، راجين رحمته خائفين عقابه الذي تقتضيه حكمته؛ لأنهم لا يعلمون قدره " (١).

قلت: هذا الكلام خيال لا حقيقة له في الواقع، لأن الأصل في هذه المسألة وغيرها من المسائل الاعتقادية الغيبية إنما هو الإيمان بما جاءنا عن الرحمن الرحيم العليم الحكيم، كما قال في القرآن الكريم: {هدى للمتقين. الذين يؤمنون بالغيب}.

وهو الإيمان بكل ما غاب عن عقلك، فمن لم يؤمن بما أخبر به تعالى من خلود الكافرين في النار أبد العابدين (٢)؛ لأن عقله لم يقبله فلن يؤمن بعقاب يبلغ مئات السنين أخبر به رب العالمين في مثل آية {لابثين فيها أحقابا}، ولو على افتراض أن له أمد (٣) منتهياً " لا يعلمون قدره"! إذ أن لبثهم هذه المدة الطويلة التي تزيد على مدة عمرهم الذي قضوه كافرين أضعافاً مضاعفة، فلو أراد أحد أن يقنعهم بها وأنها عدل من الله فلن يصل إلى نتيجة معهم أبداً، اللهم إلا من طريق الإيمان بالله ورسوله.

وإذا كان الأمر كذلك فمن العبث بل من الضلال؛ أن يحاول أحد إقناع


(١) وقد أشرنا إلى الصواب في التعليق على " مختصر تفسير المنار " (ج٢/ ٥٤١) مع أن السيد رشيد رضا - رحمه الله - لم يسترسل فيه، وهذا يدلك على فوائد مختصر المنار، وتعليقات الشيخ محمد كنعان، وقد قمت بمراجعته، وهو من مطبوعات. المكتب الإسلامي [منه].
(٢) كذا، وصوابها: الآبدين.
(٣) كذا، وصوابها: أمداً.

<<  <  ج: ص:  >  >>