للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ: المسألة في الحقيقة سهلة عند من أحاط معرفةً بتقادير الله عز وجل السابقة للحوادث، فإذا نحن درسنا أي حادثة من الحوادث وقعت فلا نشك أن هذا الواقع هو الذي سبق في اللوح المحفوظ وسجل قبل أن يقع، لنضرب على ذلك بعض الأمثلة: القاتل العمد والقاتل الخطأ، والمجتهد المصيب والمجتهد المخطئ، فلان قتل عامدًا، ترى! في اللوح المحفوظ ما الذي كتب؟ أنه سيقتل عامدًا، والآخر قتل خطأً، ترى! ما الذي كان مكتوبًا في اللوح المحفوظ؟ يقتل عامدًا أم يقتل خطأً؟ لا شك أن القدر الإلهي سابق للحوادث وهو بعلمه تبارك وتعالى الأزلي السابق يكتشف هذه الحوادث وسجلها في اللوح المحفوظ قبل وقوعها، فهي كما وقعت سجلت، وحينئذٍ نقول: القاتل العمد قتل باختياره أم باضطراره، وعلى العكس القاتل الخطأ قتل أيضًا باختياره أم رغم أنفه؟ سيأتي الجواب: القاتل الأول قتل باختياره، والقاتل الثاني قتل رغم أنفه ليس باختياره، فهل نحن لأنه ربنا تبارك وتعالى بالقدر الذي سبق أن سجل المخلوقات كلها؛ لأننا علمنا هذه الحقيقة، هل معرفتنا بهذه الحقيقة تضطرنا نحن أن نغير علمنا بهذا الواقع، قلنا: أن أحد القاتلين قتل باختياره، فهل نقول: إنه قتل رغم أنفه؛ لأننا اعتقدنا أنه سبق في كتاب الله عز وجل أنه سيقتل؟ كان جوابنا: سبق في كتاب الله أنه سيقتل باختياره، فإذًا الاختيار ثابت في القدر كالاضطرار تمامًا، ولذلك كان كنتيجة بدهية جدًا أن الله عز وجل يعذب القاتل العمد ولا يعذب القاتل الخطأ؛ لأن القاتل العمد قتل باختياره، فالاختيار لا يمكن إنكاره لمجرد اعتقاد أن هذا القتل سجل في اللوح المحفوظ، لكن ينبغي أن نتذكر أن الذي سجل في اللوح المحفوظ سيقع بكل دقة.

وقد قلنا أن الذي وقع وقع باختياره، فهذا مطابق القدر الإلهي أو مخالف؟

<<  <  ج: ص:  >  >>