للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان مطابق للقدر الإلهي، ولهذا فالذين يقولون بالجبر هم يخالفون القدر الإلهي، ويريدون أن يسووا بين ما كان مكتوبًا في اللوح المحفوظ وفي القدر الإلهي بالاختيار أو بالاضطرار، من أجل هذا فرق الشرع والقانون والعقل بين من كان مختارًا في شيء، وبين من كان غير مختار، فمناط التكليف إنما هو بوجود الاختيار، فإذا انتفى الاختيار انتفى التكليف، فالقول بالجبر ينفي القدر، بينما هم يريدون من إثبات الجبر بأنه ثبت في القدر، القدر قسمان: مسجل بالاختيار أنه سيفعل كذا ومسجل بالاضطرار أنه سيفعل كذا، فإذًا يعود قولهم بالجبر مستميلين إلى القضاء والقدر تعود الحجة عليهم على خلاف ما يزعمون.

وهناك نكتة لبعض الظرفاء: إذا قال لك الجبري: كل شيء يفعله الإنسان فإنما هو مضطر؛ لأنه مكتوب في اللوح المحفوظ وأنه لا بد أن يقع، قل له: فهل المضطر مؤاخذ ومكلف؟ سيقول لك: لا، فما عليك بعد أن يقول هذه الدلالة إلا أن تصفعه صفعة في خده مثلًا، فهو سيقول: أخ لماذا ضربتني؟ قل له: مضطر، مضطر كلام من أسخف ما يكون والإنسان خلقه الله عز وجل في أحسن تقويم.

أنا أقول مثلًا: أين الاضطرار؟ أنا الآن أتكلم معكم يا ترى! مختارًا أو مجبورًا؟ إذا قلت: مجبورًا هه .. [سكت الشيخ] هه مجبور عن السكوت هه سأتكلم معكم، أين الاضطرار المزعوم، فالله عز وجل أحكم الحاكمين خلق الإنسان ومكنه من عمل الخير كما مكنه من عمل الشر، ولذلك قال: {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} (الكهف:٢٩) فالمشيئة البشرية تحمل الخير والشر ..

[صوت مختلط لا يفهم]

ربنا عز وجل قد فرق بين من كفر اختيارًا وبين من كفر اضطرارًا: {إِلَّا مَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>