للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله -فيه- هو إقامة التوحيد، وهناك-بلا شك-أمور خاصة وقعت في بعض العصور وهي أن تكون العزلة خيراً من المخالطة، فيعتزل المسلم في شعب من الشعاب ويعبد ربه، ويكف من شر الناس إليه، وشره إليهم، هذا الأمر قد جاءت فيه أحاديث جداً وإن كان الأصل كما جاء في حديث ابن عمر -رضي الله عنه-: «المؤمن الذي يخالط الناس، ويصبر على أذاهم، خير من المؤمن الذي لا يخالط الناس، ولا يصبر على أذاهم» (١). فالدولة المسلمة-بلا شك-وسيلة لإقامة حكم الله في الأرض، وليست غاية بحد ذاتها.

ومن عجائب بعض الدعاة أنهم يهتمون بما لا يستطيعون القيام به من الأمور، ويدعون ما هو واجب عليهم وميسور! وذلك بمجاهدة أنفسهم كما قال ذلك الداعية المسلم؛ الذي أوصى أتباعه بقوله: «أقيموا دولة الإسلام في نفوسكم تقم لكم في أرضكم».

ومع ذلك فنحن نجد كثيراً من أتباعه يخالفون ذلك، جاعلين جل دعوتهم إلى إفراد الله عزوجل بالحكم، ويعبرون عن ذلك بالعبارة المعروفة: «الحاكمية لله».ولا شك بأن الحكم لله وحده ولا شريك له في ذلك ولا في غيره، ولكنهم؛ منهم من يقلد مذهباً من المذاهب الأربعة، ثم يقول-عندما تأتيه السنة الصريحة الصحيحة-: هذا خلاف مذهبي! فأين الحكم بما أنزل الله في اتباع السنة؟!.

ومنهم من تجده يعبد الله على الطرق الصوفية! فأين الحكم بما أنزل الله بالتوحيد؟! فهم يطالبون غيرهم بما لا يطالبون به أنفسهم، إن من السهل جداً أن تطبق الحكم بما أنزل الله في عقيدتك، في عبادتك، في سلوكك، في دارك، في


(١) «السلسلة الصحيحة» (رقم٩٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>