للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هم شاركوا الجبريين في فهمهم للقدر؛ بأنه يستلزم الجبر، والجبر باطل وما لزم منه باطل فهو باطل، وإذاً: لم يجدوا وسيلة أعني بطبيعة الحال المعتزلة بمحاربة الجبر إلا بنفس عقيدة القدر، وهم لاشك ما يستطيعون وإن كانوا ضلالاً فهم مؤمنون بكتاب الله عز وجل، لا يستطيعون أن ينكروا القدر كلفظ مذكور في القرآن الكريم في غير ما آية لا يستطيعون أن ينكروا ذلك وإلا خرجوا من الدين، لكنهم وهكذا شأن كل الفرق الضالة الذين انحرفوا عن الكتاب والسنة أنهم يؤمنون بألفاظ الكتاب، ولا يؤمنون بمعانيها، فما [أنكروا] القدر، ولكنهم تأولوا القدر بما يساوي العلم كما يفعلون في كثير من الآيات المتعلقة بالصفات الإلهية، فهم مثلاً: ينكرون أن يكون الله تبارك وتعالى له صفة السمع والبصر، وهم يعلمون مثل قول رب العالمين آية التنزيه {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} (الشورى:١١) فهم لا يستطيعون أن ينكروا هاتين الصفتين أنه سميع وبصير إلا بالطريقة ذاتها التي أنكروا فيها القدر ألا وهو: التأويل بل هو التعطيل فقالوا: السميع البصير يعني: العليم.

فكذلك أولوا القدر بمعنى ماذا؟ العلم. مع أنه كما لا يخفاكم العلم صفة ذاتية، أما التقدير الإلهي فصفة فعل، نعم من صفات الأفعال، فهم خلطوا بين هذه الصفة الذاتية وبين الصفة العملية لماذا هذا الخلط؟ ليضربوا الجبر، ولكن أصابهم كما يقول المثل في بعض البلاد: كانوا تحت المطر صاروا تحت المزراب ...

والشاعر العربي القديم - كما تعلمون - يقول:

أوردها سعد وسعد مشتمل ... ما هكذا يا سعد تورد الإبل

أي: [يحب] الجمع بين الصفات الإلهية كلها والمشتقة من كتاب الله

<<  <  ج: ص:  >  >>