للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العبودية؛ لأن الذي ينادي غير الله خاصة في الشدائد فقد عبده من دون الله عز وجل، ومن الدليل على ذلك وهو مذكور في القرآن وفي السنة قول الله عز وجل {إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم} تدعون ما قال تعبدون لكن الحقيقة أن هذه الآية تعني تدعون أي تعبدون، فسواء قلت: يعبدون غير الله أو يدعون غير الله، فكِلا التعبيرين يؤدي إلى حقيقة واحدة وهي أنهم يستعينون بغير الله عز وجل وهذا إخلال بتوحيد الإلوهية وليس إخلالاً بتوحيد الربوبية، هذا التفصيل الذي جاء في الكتاب والسنة وجرى على ذلك سلف الأمة إلى ما قبل قرون قليلة، ثم انحرف الخط على بعض المسلمين ففهموا لا إله إلا الله بمعنى لا رب إلا الله، وهذا المعنى ما كفر به المشركون بل كانوا يؤمنون به، لكنهم كفروا بهذا المعنى الصحيح الذي جهله كثير من المسلمين ألا وهو توحيد الألوهية أو توحيد العبودية أو العبادة.

في سورة من القرآن {ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله} إذاً المشركون يؤمنون بتوحيد الربوبية لا يعتقدون بأن هناك-كما هو دين المجوس- بأن هناك خالقاً للخير وخالقاً للشر مثلاً، وإنما يعتقدون أن الخالق هو الله وحده لا شريك له، إذاً من أين جاء شركهم؟ ولماذا قاتلوا نبيهم إذ دعاهم إلى لا إله إلا الله مع ذلك يستكبرون، كما قال في القرآن الكريم {وإذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون} وقالوا: {أجعل الألهة إلهاً واحدا إن هذا لشيء عجاب}، إذاً مفهوم لفظة الإله عند العرب في الجاهلية غير مفهوم الرب لأنهم كانوا يؤمنون بأنه لا رب إلا الله؛ أي: لا خالق ولا مربي ولا رازق إلا الله، أما الإله فهو الذي لا يخضع إلا له تبارك وتعالى، وهم كانوا يخضعون لغير الله من الأوثان والأصنام المعروفة في التاريخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>