للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولذلك كان من غرائب شرك المشركين قبيل بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام أنهم كانوا يطوفون حول الكعبة ويقولون في تلبيتهم: «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك إلا شريكاً تملكه وما ملك»، شريك تملكه وما ملك لماذا؟ لأنهم يعتقدون أن لا خالق مع الله لكن جعلوا لله شركاء، أي: يعبدونهم من دون الله تبارك وتعالى كما في الآية {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللهِ زُلْفَى} (الزُّمر:٣) فهذه الآية صريحة بأن الهدف الأساسي عند المشركين هو الله، ومع ذلك فهم يعبدون معه سواه، لكن إذا سئلوا لماذا تعبدون هؤلاء قالوا {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللهِ زُلْفَى} (الزُّمر: ٣) فهذه حقيقة مؤسفة جداً أنهم يؤمنون بأن الله واحد لا شريك له، ومع ذلك جعلوا له شركاء في ماذا جعلوا له شركاء؟ في العبادة.

ولذلك يجب أن نتنبه لأمر في ظني أن كثيراً من الناس غفلوا عنه {فلا تجعلوا لله أنداداً وأنتم تعلمون} أيش معنى أنداداً؟ أنداداً في الخلق، أنداداً في الرزق أنداداً في الإحياء والإماتة؟ .. لا، وإنما أنداداً في العبادة وهذا هو كان شرك المشركين في الجاهلية.

وهذا بحث طويل والغرض منه التنبيه إلى أن النجديين هؤلاء ينبزون بلقب الوهابية هذه نسبة كما ذكرنا خطأ، وإنما هم أرادوا أن ينسبوهم إلى محمد بن عبد الوهاب، ومحمد بن عبد الوهاب رحمه الله لم يأت بشيء جديد مطلقاً وإنما هو من المجددين الذين ذكرهم الرسول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح «إن الله يبعث لهذه الأمة من يجدد لها دينها على رأس كل مائة سنة» (١) المجددون كما يذكر الإمام السيوطي وغيره لا ينبغي أن نتصور أن المجدد يكون واحداً في كل عصر


(١) صحيح الجامع (رقم١٨٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>