للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[١٣٦] باب أحاديث النهي عن اتخاذ القبور مساجد]

١ - عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في مرضه الذي لم يقم منه: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» قالت: فلولا ذاك أُبرِزَ (١).قبره، غير أنه خشي أن يتخذ مسجداً» (٢).

ومثل قول عائشة هذا ما روي عن أبيها رضي الله عنهما فأخرج ابن زنجويه عن عمر مولى غفرة قال:

لما ائتمروا في دفن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قال قائل: ندفنه حيث كان يصلي في مقامه! وقال أبو بكر: معاذ الله أن نجعله وثناً يعبد، وقال الآخرون: ندفنه في البقيع


(١) أي كشف قبره - صلى الله عليه وسلم - ولم يتخذ عليه الحائل، والمراد الدفن خارج بيته، كذا في «فتح الباري»
فائدة: قول عائشة هذا، يدلّ دلالة واضحة على السبب الذي من أجله دفنوا النبي - صلى الله عليه وسلم - في بيته، ألا وهو سد الطريق على من عسى أن يبني عليه مسجداً، فلا يجوز والحالة هذه أن يتخذ ذلك حجة في دفن غيره - صلى الله عليه وسلم - في البيت يؤيد ذلك أنه خلاف الأصل لأن السنة الدفن في المقابر، ولهذا قال ابن عروة في «الكواكب الدراري» (ق ١٨٨/ ١ تفسير ٥٤٨):
«والدفن في مقابر المسلمين أعجب إلى أبي عبد الله (يعني: الإمام أحمد) من الدفن في البيوت، لأنه أقل ضررا على الأحياء من ورثته، وأشبه بمساكن الآخرة وأكثر للدعاء له والترحم عليه ولم يزل أصحابه والتابعون ومن بعدهم يقبرون في الصحارى.
فإن قيل: فالنبي - صلى الله عليه وسلم - قبر في بيته وقبر صاحبه معه؟ قلنا: قالت عائشة: إنما فعل ذلك لئلا يتخذ قبره مسجداً، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يدفن أصحابه بالبقيع، وفعله أولى من فعل غيره، وإنما أصحابه رأوا تخصيصه بذلك، ولأنه روي: «يدفن الأنبياء حيث يموتون»، وصيانة لهم عن كثرة الطراق، وتمييزاً له عن غيره». [منه].
(٢) رواه البخاري (٣/ ١٥٦ و١٩٨ و٨/ ١١٤) ومسلم (٢/ ٧٦) وأبو عوانة (١/ ٣٩٩) وأحمد (٦/ ٨٠ و١٢١ و٢٥٥) والسراج في» مسنده» (٣/ ٤٨/٢) عن عروة عنها.
وأحمد (٦/ ١٤٦ و٢٥٢) والبغوي في» شرح السنة» (ج ١ - صلى الله عليه وسلم - ٤١٥) طبع المكتب الإسلامي عن سعيد بن المسيب عنها. وسنده صحيح على شرط الشيخين .. [منه].

<<  <  ج: ص:  >  >>