للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التشبه بالمشركين الذي يفضي إلى الشرك، وليس في قصد الصلاة في تلك الأوقات مصلحة راجحة لإمكان التطوع في غير ذلك من الأوقات.

ولهذا تنازع العلماء في ذوات الأسباب (١) فسوغها كثير منهم في هذه الأوقات، وهو أظهر قولي العلماء لأن النهي إذا كان لسد الذريعة أبيح للمصلحة الراجحة، وفعل ذوات الأسباب يحتاج إليه فيه هذه الأوقات ويفوت إذا لم يفعل فيها مصلحتها فأبيحت لما فيها من المصلحة، بخلاف ما لا سبب له فإنه يمكن فعله في غير هذا الوقت فلا تفوت بالنهي عنه مصلحة راجحة وفيه مفسدة توجب النهي عنه.

فإذا كان نهيه عن الصلاة في هذه الأوقات لسد ذريعة الشرك، لئلا يفضي ذلك إلى السجود للشمس ودعائها وسؤالها كما يفعله أهل دعوة الشمس والقمر والكواكب الذين يدعونها ويسألونها، كان معلوماً أن دعوة الشمس والسجود لها هو محرم لنفسه، وأعظم تحريماً من الصلاة التي نهى عنها لئلا يفضي إلى دعاء الكواكب، كذلك لما نهى عن اتخاذ قبور الأنبياء والصالحين مساجد، فنهى عن قصدها للصلاة عندها لئلا يفضي ذلك إلى دعائهم كان دعاؤهم والسجود أعظم تحريما من اتخاذ قبورهم مساجد».

واعلم أن كراهة الصلاة في هذه المساجد هو أمر متفق عليه من العلماء كما سبق بيانه (ص١٧٨) ويأتي، وإنما اختلفوا في بطلانها وظاهر مذهب الحنابلة أنها لا تصح، وبه جزم المحقق ابن القيم كما تقدم (ص١٧٧ - ١٧٨).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في «اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب


(١) قلت: يعني الصلوات ذوات الأسباب كركعتي تحية المسجد وسنة الوضوء ونحوها. [منه].

<<  <  ج: ص:  >  >>