للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للوليد على المدينة في سنة إحدى وتسعين هدم المسجد وبناه بالحجارة المنقوشة بالساج وماء الذهب، وهدم حجرات أزواج النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فأدخلها في المسجد وأدخل القبر فيه».

يتبين لنا مما أوردناه أن القبر الشريف إنما أدخل إلى المسجد النبوي حين لم يكن في المدينة أحد من الصحابة وإن ذلك كان على خلاف غرضهم الذي رموا إليه حين دفنوه في حجرته - صلى الله عليه وآله وسلم -، فلا يجوز لمسلم بعد أن عرف هذه الحقيقة أن يحتج بما وقع بعد الصحابة، لأنه مخالف للأحاديث الصحيحة وما فهم الصحابة والأئمة منها كما سبق بيانه، وهو مخالف أيضا لصنيع عمر وعثمان حين وسعا المسجد، ولم يدخلا القبر فيه.

ولهذا نقطع بخطأ ما فعله الوليد بن عبد الملك عفا الله عنه، ولئن كان مضطرا إلى توسيع المسجد، فإنه كان باستطاعته أن يوسعه من الجهات الأخرى دون أن يتعرض للحجرة الشريفة وقد أشار عمر بن الخطاب إلى هذا النوع من الخطأ حين قام هو رضي الله عنه بتوسيع المسجد من الجهات الأخرى ولم يتعرض للحجرة بل قال «إنه لا سبيل إليها» (١) فأشار رضي الله عنه إلى المحذور الذي يترقب من جراء هدمها وضمها إلى المسجد.

ومع هذه المخالفة الصريحة للأحاديث المتقدمة وسنة الخلفاء الراشدين،


(١) انظر «طبقات ابن سعد» (٤/ ٢١) و «تاريخ دمشق» لابن عساكر (٨/ ٤٧٨/٢)، وقال السيوطي في «الجامع الكبير» (٣/ ٢٧٢/٢): وسنده صحيح إلا أن سالما أبا النضر لم يدرك عمر و «وفاء الوفاء» للسمهودي (١/ ٣٤٣) و «المشاهدات المعصومية عند قبر خير البرية» للعلامة محمد سلطان العصومي رحمه الله تعالى (ص ٤٣) وهو مؤلف رسالة «هداية السلطان إلى بلاد اليابان» التي ادعى أحد الدكاترة أنها ليست له وإنما لبعض إخواننا! مع أنني تناولتها منه هدية مطبوعة حين زرته في مكة في حجتي الأولى سنة ١٣٦٨ هـ. [منه].

<<  <  ج: ص:  >  >>