للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجواب عن الشبهة الرابعة:

وأما ما ذكر في بعض الكتب أن قبر إسماعيل عليه السلام وغيره في الحجر من المسجد الحرام وهو أفضل مسجد يتحرى فيه فالجواب:

لا شك أن المسجد الحرام أفضل المساجد والصلاة فيه بمائة ألف صلاة (١)، ولكن هذه الفضيلة أصلية فيه منذ رفع قواعده إبراهيم مع ابنه إسماعيل عليهما السلام ولم تطرأ هذه الفضيلة عليه بدفن إسماعيل عليه السلام فيه لو صح أنه دفن فيه، ومن زعم خلاف ذلك فقد ضل ضلالا بعيدا وجاء بما لم يقله أحد من السلف الصالح رضي الله عنهم، ولا جاء به حديث تقوم الحجة به.

فإن قيل: لا شك فيما ذكرت، ودفن إسماعيل فيه لا يخالف ذلك، ولكن ألا يدل هذا على الأقل على عدم كراهية الصلاة في المسجد الذي فيه قبر؟

فالجواب: كلا ثم كلا وهاك البيان من وجوه:

الأول: أنه لم يثبت في حديث مرفوع أن إسماعيل عليه السلام أو غيره من الأنبياء الكرام دفنوا في المسجد الحرام، ولم يرد شيء من ذلك في كتاب من كتب السنة المعتمدة كالكتب الستة، ومسند أحمد، ومعاجم الطبراني الثلاثة وغيرها من الدواوين المعروفة، وذلك من أعظم علامات كون الحديث ضعيفا بل موضوعا عند بعض المحققين (٢).


(١) وقد خرجت بعض الأحاديث الواردة في ذلك في «إرواء الغليل» (٩٧١ و١١٢٩). [منه].
(٢) نقل السيوطي في «التدريب» عن ابن الجوزي «قال»: ما أحسن قول القائل: إذا رأيت الحديث يباين العقول أو يخالف المنقول أو يناقض الأصول فاعلم أنه موضوع. قال: ومعنى مناقضته للأصول أن يكون خارجا من دواوين الإسلام من المسانيد والكتب المشهورة «.
كذا في «الباعث الحثيث» (ص ٨٥ من الطبعة الثانية). [منه].

<<  <  ج: ص:  >  >>