للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسلمين اليوم وقبل اليوم فكيف يقول هذا الرجل:

«وقد انتفت العلة برسوخ الإيمان في نفوس المؤمنين .. »؟!

وإذا كان يريد بـ «المؤمنين» الصحابة رضي الله عنهم، فلا شك أنهم كانوا مؤمنين حقاً، عالمين بحقيقة التوحيد الذي جاءهم به رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، ولكن الشريعة الإسلامية شريعة عامة أبدية فلا يلزم من انتفاء العلة- ولو ثبت- بالنسبة إليهم أن ينتفي الحكم بالنسبة لمن بعدهم، لأن العلة لا تزال قائمة، والواقع أصدق شاهد على ذلك.

الوجه الثاني: علمت مما سبق من الأحاديث أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - حذر من اتخاذ المساجد على القبور في آخر حياته، بل في مرض موته فمتى زالت العلة التي ذكرها؟ إن قيل: زالت عقب وفاته - صلى الله عليه وآله وسلم - فهذا نقض لما عليه جميع المسلمين أن خير الناس قرنه - صلى الله عليه وآله وسلم -، لأن القول بذلك يستلزم- بناء على ما سبق من كلامه- أن الإيمان لم يكن قد رسخ بعد في نفوس الصحابة رضي الله عنهم وإنما رسخ بعد وفاته - صلى الله عليه وآله وسلم -! ولذلك لم تزل العلة وبقي الحكم وهذا مما لا أتصور أحداً يقول به لوضوح بطلانه. وإن قيل: زالت قبل وفاته - صلى الله عليه وآله وسلم - قلنا: وكيف ذلك وهو - صلى الله عليه وآله وسلم - إنما نهى عن ذلك في آخر نفس من حياته؟ ويؤيده:

الوجه الثالث: أن في بعض الأحاديث المتقدمة باستمرار الحكم إلى قيام الساعة كالحديث (١٢).

الوجه الرابع: أن الصحابة رضي الله عنهم إنما دفنوه في حجرته - صلى الله عليه وآله وسلم - خشية أن يتخذ قبره مسجدا كما تقدم عن عائشة رضي الله عنها في الحديث (٤) [[وكذا الحديث رقم ١] فهذه خشية إما أن يقال: إنها كانت منصبة على الصحابة

<<  <  ج: ص:  >  >>