للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طويل عريض عميق لأن ما لم يكن كذلك دخل في حد التلاشي قال فقلت له: فأيما أعظم إلهك أم هذا الجبل وأومأت إلى أبي قبيس١ قال: فقال: هذا الجبل يوفي عليه أي هو أعظم منه.

وذكر أيضاً "ابن الراوندي" أن هشام بن الحكم كان يقول: إن بين إلهه وبين الأجسام المشاهدة تشابهاً من جهة من الجهات لولا ذلك ما دلت عليه.

وحكي عنه خلاف هذا أنه كان يقول إن جسم ذو أبعاض [ ... ] ٢ لا يشبهها ولا تشبهه.

وحكى الجاحظ٣ عن هشام بن الحكم في بعض كتبه أنه كان يزعم أن الله جل وعز إنما يعلم ما تحت الثرى بالشعاع المتصل منه الذاهب في عمق الأرض ولولا ملابسته لما وراء ما هناك لما دري ما هناك وزعم أن بعضه يشوب وهو شعاعه وأن الشوب محال على بعضه ولو زعم هشام أن الله تعالى يعلم ما تحت الثرى بغير اتصال ولا خبر ولا قياس كان قد ترك تعلقه بالمشاهدة وقال بالحق.

وذكر عن هشام انه قال في ربه في عام واحد خمسة أقاويل زعم مرة انه كالبلورة وزعم مرة انه كالسبيكة وزعم مرة انه بشبر نفسه سبعة أشبار ثم رجع عن ذلك وقال: هو جسم لا كالأجسام.

وزعم الوراق أن بعض أصحاب هشام أجابه مرة إلى أن الله -عز وجل- على العرش مماس له وأنه لا يفضل عن العرش ولا يفضل العرش عنه.

٢ - والفرقة الثانية من الرافضة: يزعمون أن ربهم ليس بصورة ولا كالأجسام وإنما يذهبون في قولهم أنه جسم إلى أنه موجود ولا يثبتون البارئ ذا أجزاء مؤتلفة وأبعاض متلاصقة ويزعمون أن الله -عز وجل- على العرش مستو بلا مماسة ولا كيف.


١ أبو قبيس: بالتصغير جبل مشرف على مكة كناه آدم عليه السلام بذلك حين اقتبس منه هذه النار التي بأيدي الناس إلى اليوم من فرختين نزلتا من السماء على أبي قبيس فاحتكتا فأورتا نارا اقتبس منها آدم.
٢ هنا بياض في الأصل ولكن الشهرستاني ذكر في الملل والنحل: ١/ ١٤٩ ما يلي: وحكى الكعبي انه قال: هو جسم ذو أبعاض له قدر من الأقدار ولكن لا يشبه شيئا من المخلوقات ولا يشبهه شيء.
٣ الجاحظ: عمرو بن بحر بن محبوب الكناني البصري أبو عثمان الجاحظ كاتب فحل إلى جانب كونه بحرا من بحور العلم كان متكلما وشيخا من شيوخ المعتزلة له التصانيف المشهورة وكتبت حوله العديد من الدراسات والبحوث توفي سنة ٢٥٠هـ في قول وفي آخر سنة ٢٥٥هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>