للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عليهما! - وحربهما إياه وفي قتال معاوية إياه وصار علي ومعاوية إلى صفين١ وقاتله علي حتى انكسرت سيوف الفريقين ونصلت رماحهم وذهبت قواهم وجثوا على الركب فوهم بعضهم على بعض فقال معاوية لعمرو بن العاص: يا عمرو ألم تزعم أنك لم تقع في أمر فظيع فأردت الخروج منه إلا خرجت قال: بلى قال: فما المخرج مما نزل قال له عمرو بن العاص: فلي عليك أن لا تخرج مصر من يدي ما بقيت قال: لك ذلك ولك به عهد الله وميثاقه، قال: فأمر بالمصاحف فترفع ثم يقول أهل الشام لأهل العراق: يا أهل العراق كتاب الله بيننا وبينكم البقية البقية فإنه إن أجابك إلى ما تريده خالفه أصحابه وإن خالفك خالفه أصحابه وكان عمرو بن العاص في رأيه الذي أشار به كأنه ينظر إلى الغيب من وراء حجاب رقيق فأمر معاوية أصحابه برفع المصاحف وبما أشار به عليه عمرو بن العاص ففعلوا ذلك فاضطرب أهل العراق على علي -رضوان الله عليه- وأبوا عليه إلا التحكيم وأن يبعث علي حكماً ويبعث معاوية حكماُ فأجابهم علي إلى ذلك بعد امتناع أهل العراق عليه أن لا يجيبهم إليه فلما أجاب علي إلى ذلك وبعث معاوية وأهل الشام عمرو بن العاص حكماً وبعث علي وأهل العراق أبا موسى حكماً وأخذ بعضهم على بعض العهود والمواثيق اختلف أصحاب علي عليه وقالوا: قال الله تعالى: {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [الحجرات: ٩] ولم يقل حاكموهم وهم البغاة فإن عدت إلى قتالهم وأقررت على نفسك بالكفر إذ أجبتهم إلى التحكيم وإلا نابذناك وقاتلناك فقال علي -رضوان الله عليه-: قد أبيت عليكم في أول الأمر فأبيتم إلا إجابتهم إلى ما سألوا فأجبناهم وأعطيناهم العهود والمواثيق وليس يسوغ لنا الغدر فأبوا إلا خلعه وإكفاره بالتحكيم وخرجوا عليه فسموا خوارج لأنهم خرجوا على علي بن أبي طالب -رضوان الله عليه- وصار اختلافاً إلى اليوم وسنذكر أقاويل الخوارج بعد هذا الموضع من كتابنا


١ صفين: بكسر الصاد وكسر الفاء المشددة- موقع في شمال سورية بالقرب من الرقة على شاطئ الفرات من جهة الغرب وفيه وقعة معركة بين الإمام علي ومعاوية سنة سبع وثلاثين من الهجرة النبوية بدأت من غرة صفر ودامت مئة وعشرة أيام تقابل فيها الفريقان في تسعين وقعة. وعن هذه الوقعة كتب العديد من القصائد في رثاء قتلى صفين لعل أبرزها مرثية كعب بن جعيل في عبيد الله بن عمر بن الخطاب ومنها:
ألا إنما تبكي العيون لفارس ... بصفين أجلت خيوله وهو واقف
والعديد من الدراسات لعل أبرزها كتاب: "وقعة صفين" لنصر بن مزاحم المنقري المتوفى سنة ٢١٢هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>