للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علم الاضطرار الذي يفرق الإنسان به بين نفسه وبين الحمار وبين السماء وبين الأرض وما أشبه ذلك ومنه القوة على اكتساب العلم.

وزعموا أن العقل الحس نسميه عقلاً بمعنى أنه معقول وهذا قول أبي الهذيل.

٢ - وقال قائلون: البلوغ هو تكامل العقل والعقل عندهم هو العلم وإنما سمي عقلاً لأن الإنسان يمنع نفسه به عما لا يمنع المجنون نفسه عنه وأن ذلك مأخوذ من عقال البعير وإنما سمي عقاله عقالاً لأنه يمنع به.

وزعم صاحب هذا القول أن هذه العلوم كثيرة منها اضطرار وأنه قد يمكن أن يدركه الإنسان قبل تكامل العقل فيه بامتحان الأشياء واختبارها والنظر فيها وفي بعض ما هو داخل في جملة العقل كنحو تفكر الإنسان إذا شاهد الفيل أنه لا يدخل في خرق إبرة بحضرته فنظر في ذلك وفكر فيه حتى علم أنه يستحيل دخوله في خرق إبرة وإن لم يكن بحضرته فإذا تكاملت هذه العلوم في الإنسان كان بالغاً ومن لم يمتحن الأشياء فجائز أن يكمل الله - سبحانه - له العقل ويخلقه فيه ضرورة فيكون بالغاً كامل العقل مأموراً مكلفاً.

ومنع صاحب هذا القول أن تكون القوة على اكتساب العلم عقلاً غير أنه وإن لم تكن عنده عقلاً فليس بجائز أن يكلف الإنسان حتى يتكامل عقله ويكون مع تكامل عقله قوياً على اكتساب العلم بالله.

وزعم صاحب هذا القول أنه لا يجب على الإنسان التكليف ولا يكون كامل العقل ولا يكون بالغاً إلا وهو مضطر إلى العلم بحسن النظر وأن التكليف لا يلزمه حتى يخطر بباله أنك لا تأمن إن لم تنظر أن يكون للأشياء صانع يعاقبك بترك النظر أو ما يقوم مقام هذا الخاطر من قول ملك أو رسول أو ما أشبه ذلك فحينئذ يلزمه التكليف ويجب عليه النظر والقائل بهذا القول محمد بن عبد الوهاب الجبائي.

٣ - وقال قائلون: لا يكون الإنسان بالغاً كاملاً داخلاً في حد التكليف إلا مع الخاطر والتنبيه وأنه لا بد في العلوم التي في الإنسان والقوة التي فيه على اكتساب العلوم من خاطر وتنبيه وإن لم يكن مضطراً إلى العلم بحسن النظر وهذا قول بعض البغداديين.

٤ - وقال قائلون: لا يكون الإنسان بالغاً إلا بأن يضطر إلى علوم الدين فمن اضطر إلى العلم بالله وبرسله وكتبه فالتكليف له لازم والأمر عليه واجب

<<  <  ج: ص:  >  >>