للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مدركاً والرائي عنده قد يكون بمعنى عالم وبمعنى مدرك وكذلك القول: بصير قد يكون عنده بمعنى عالم كالقول: فلان بصير بصناعته أي عالم بها فيقول البارئ لم يزل بصيراً بمعنى لم يزل عالماً ويقول لم يزل بصيراً بمعنى يرى نفسه وأنه بخلاف ما لا يجوز أن يبصر ونكذب من زعم أنه أعمى وندل بهذا القول على أن المبصرات إذا كانت أبصرها فيلزمه أن يقول أن البارئ لم يزل مدركاً على هذا المعنى.

وكان يقول: إن البارئ لم يزل قوياً قاهراً عالماً مستولياً مالكاً وكذلك القول بأنه متعال على معنى أنه منزه كقوله: {تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [النمل: ٦٣] وأنه لم يزل مالكاً سيداً رباً بمعنى أنه لم يزل قادراً ولا يقول: إن البارئ رفيع شريف في الحقيقة لأن هذا مأخوذ من شرف المكان وارتفاعه فيلزمه أن لا يقول: إنه عال في الحقيقة لأن هذا مأخوذ من علو المكان.

وكان يزعم أن معنى عظيم وكبير وجليل أنه السيد ومعنى هذا أنه مالك مقتدر.

وكان يقول: إن البارئ جبار بمعنى أنه لا يلحقه قهر ولا يناله ذل ولا يغلبه شيء فهذا عنده قريب من معنى عزيز والوصف له بذلك من صفات النفس ويقول: في كريم ما قد شرحناه قبل هذا الموضع ويقول مجيد بمعنى عزيز ويقول لم يزل البارئ غنياً بنفسه فأما القول كريم فقد يكون عنده من صفات النفس إذا كان بمعنى عزيز ويكون عنده من صفات الأفعال إذا كان بمعنى جواد والقول حكيم بمعنى عليم من صفات النفس عنده والقول حكيم من طريق الاشتقاق من فعله الحكمة من صفات الفعل والقول صمد بمعنى سيد من صفات الذات والقول صمد بمعنى أنه مصمود إليه لا من صفات الذات عنده وقد يكون عنده بمعنى أنه عين لا ينقسم ولا يتجزأ ويكون معنى واحد أنه لا شبه له ولا مثل - وكذلك يقول النجار في معنى واحد - ويكون بمعنى أنه لا شريك له في قدمه وإلهيته والقول: إله عنده معناه أنه لا تحق العبادة إلا له وهو من صفات الذات عنده ومعنى القول: الله أنه الإله فحذفت الهمزة الثانية فلزم إدغام إحدى اللامين في الأخرى ووجب أن يقال أنه الله.

وكان لا يقول: إن البارئ معنى لأن المعنى هو معنى الكلام وكان يقول أن البارئ لم يزل باقياً في الحقيقة بنفسه لا ببقاء ومعنى أنه باق أنه كائن لا بحدوث وأنه لا يوصف البارئ بأنه لم يزل دائماً لا يفنى بل يوصف بأنه لا يزال دائماً لأن هذا مما يوصف به في المستقبل ويوصف بأنه لم يزل دائماً لا إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>