للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنكر أكثر أهل الإثبات أن يكون البارئ موصوفاً بالقدرة على أن يضطر عباده إلى إيمان يكونون به مؤمنين وكفر يكونون به كافرين وعدل يكونون به عادلين وجور يكونون به جائرين.

٤ - وقال أبو الهذيل: إن البارئ يضطر عباده في الآخرة إلى صدق يكونون به صادقين وكلام يكونون به متكلمين فيلزمه أن يجوز القدرة أن يضطرهم إلى كفر يكونون به كافرين وجور يكونون به جائرين وإلا كان مناقضاً.

٧ - فأما أنا فأقول: إن كل ما وصف بالقدرة على أن يخلقه كسباً لعباده فهو قادر أن يضطرهم إليه وجائز أن يضطرهم الله - سبحانه - إلى الجور.

٨ - والمعتزلة يصفون البارئ - سبحانه - بالقدرة على أن يلجئ العباد إلى فعل ما أراده منهم.

٩ - وأنكر محمد بن عيسى ذلك وقال: لو ألجأهم لم يكونوا مؤمنين وكذلك لو ألجأهم إلى العدل لم يكونوا عادلين وكذلك لو ألجأهم إلى الكفر لم يكونوا كافرين لأنهم أمروا أن يأتوا بالإيمان طوعاً وأن يتركوا الكفر طوعاً فإذا أتوا به كرهاً وتركوا الكفر كرهاً لم يكونوا مؤمنين.

وكان يقول: إذا فعل الله - سبحانه - علماً كان غيره به عالماً وكذلك كل علم يفعله فغيره به عالم وكذلك القول في كل شيء يفعله فكان غيره موصوفاً به وكذلك إذا فعل شهوة فغيره بها مشته وكل شهوة يفعلها فغيره بها مشته وإذا فعل عدلاً فهو به عادل وكل عدل يفعله فهو به عادل ولا يوصف البارئ بأنه قادر أن يخلق جوراً لغيره وعن غيره أنالبارئ قادر على جور غيره وإيمان غيره وكفر غيره فقوله أن الله - سبحانه - قادر كلام صحيح وقوله: على جور غيره وإيمان غيره وقول غيره خطأ. وكذلك لا يجوز أن يقال: إن البارئ قادر على خلق كسب غيره ولا يقال: إنه قادر أن يخلق كسب غيره والقول في هذه المسألة: قادر صواب والقول: "إنه يخلق كسب غيره" و "على كسب غيره" خطأ.

وكان يقول: إن البارئ قادر على الجور ولا أقول: "قادر أن يجور" و "لم يزل قادراً على الفعل" ولا أقول: "لم يزل قادراً على أن يفعل" لأن القول: قادر أن يفعل إخبار أنه قادر وأنه يفعل كالقول: عالم أنه يفعل. وزعم أن العدل ما فعله الله - سبحانه - والجور هو ما لم يفعله وأنه لا

<<  <  ج: ص:  >  >>