للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووصفا ربهما بالقدرة على أن يجمع بين القطن والنار ولا يقع إحراق وبين الحجر على ثقله والجو على رقته ولا يفعل هبوطاً.

وأنكر ذلك قوم آخرون:

٥ - فأما محمد بن عبد الوهاب الجبائي فإنه لا يصف ربه بالقدرة على أن يخلق الإدراك مع العمى لأن العمى عنده ضد الإدراك ويصف ربه بالقدرة على أن يجمع بين النار والقطن ولا يخلق إحراقاً وأن يسكن الحجر في الجو فيكون ساكناً لا على عمد من تحته وإذا جمع بين النار والقطن فعل ما ينفي الإحراق وسكن النار فلم تدخل بين أجزاء القطن فلم يوجد إحراق.

٦ - وكان صالح وأبو الحسين يصفان الله -عز وجل- بالقدرة على أن يجمع بين البصر الصحيح والمرئي ويرفع الآفات ولا يخلق إدراكاً وأن يكون الفيل بحضرة الإنسان والذرة بالبعد منه وهو مقابل لهما فيخلق فيه إدراكاً للذرة ولا يخلق إدراكاً للفيل.

ويجوزان أن يخلق الله - سبحانه - جوهراً لا أعراض فيه ويرفع الأعراض من الجواهر فتكون لا متحركة ولا ساكنة ولا مجتمعة ولا متفرقة ولا حارة ولا باردة ولا رطبة ولا يابسة ولا ملونة ولا مطعمة ولا قابلة لشيء من الأعراض.

٧ - وأحال ذلك عامة أهل النظر لأنه محال عند كثير من أهل الصلاة أن يوجد الجوهر متعرياً من الأعراض فأما الجمع بين البصر الصحيح والمرئي مع ارتفاع الآفات ولا يخلق إدراكاً فذلك فاسد أيضاً عند كثير من أهل النظر لأن الله -عز وجل- إذا لم يخلق عرضاً خلق ما يضاده وإلا لزم تعرى الجواهر من المتضادات ومن الأعراض وعقابها١ وذلك فاسد.


١ عقابها وردت هكذا في الأصول مهملة ولعل العبارة المقصودة هي: وتعاقبها أو نقائضها.

<<  <  ج: ص:  >  >>