للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٧ - (بَاب كَيْفَ التَّلْبِيَةُ)

[١٨١٢] هِيَ مَصْدَرُ لَبَّى كَزَكَّى تَزْكِيَةً أَيْ كَيْفَ قَالَ لَبَّيْكَ وَهُوَ عِنْدَ بن سِيبَوَيْهِ وَالْأَكْثَرِينَ مُثَنَّى لِقَلْبِ أَلِفِهِ يَاءً مَعَ الْمُظْهَرِ وَلَيْسَتْ ثَنِيَّتُهُ حَقِيقَةً بَلْ مِنَ الْمُثَنَّاةِ لَفْظًا وَمَعْنَاهَا التَّكْثِيرُ وَالْمُبَالَغَةِ وَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَصْدَرِ بِعَامِلٍ مُضْمَرٍ أَيْ أَجَبْتُ إِجَابَةً بَعْدَ إجابة إلى مالا نهاية له

قال بن عَبْدِ الْبَرِّ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَعْنَى التَّلْبِيَةِ إِجَابَةُ دَعْوَةِ إِبْرَاهِيمَ حِينَ أَذَّنَ في الناس بالحج

(اللهم لبيك) أي ياالله أَجَبْنَاكَ فِيمَا دَعَوْتَنَا

وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ في مسنده وبن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ قَابُوسَ بْنِ أَبِي ظبيان عن أبيه عن بن عَبَّاسٍ قَالَ لَمَّا فَرَغَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ بِنَاءِ الْبَيْتِ قِيلَ لَهُ أَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ قَالَ رَبِّ وَمَا يَبْلُغُ صَوْتِي قَالَ أَذِّنْ وَعَلَيَّ الْبَلَاغُ قَالَ فَنَادَى إِبْرَاهِيمُ ياأيها النَّاسُ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْحَجُّ إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ فَسَمِعَهُ مَنْ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَفَلَا تَرَوْنَ أَنَّ النَّاسَ يَجِيئُونَ مِنْ أَقْصَى الْأَرْضِ يُلَبُّونَ

ومن طريق بن جريج عن عطاء عن بن عَبَّاسٍ وَفِيهِ فَأَجَابُوهُ بِالتَّلْبِيَةِ فِي أَصْلَابِ الرِّجَالِ وَأَرْحَامِ النِّسَاءِ وَأَوَّلُ مَنْ أَجَابَهُ أَهْلُ الْيَمَنِ فَلَيْسَ حَاجٌّ يَحُجُّ مِنْ يَوْمِئِذٍ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ إِلَّا مَنْ كَانَ أَجَابَ إِبْرَاهِيمُ يَوْمَئِذٍ (إِنَّ الْحَمْدَ) رُوِيَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ عَلَى الِاسْتِئْنَافٍ كَأَنَّهُ لَمَّا قَالَ لَبَّيْكَ اسْتَأْنَفَ كَلَامًا آخَرَ فَقَالَ إِنَّ الْحَمْدَ وَبِالْفَتْحِ عَلَى التَّعْلِيلِ كَأَنَّهُ قَالَ أَجَبْتُكَ لِأَنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْكَسْرُ أَجْوَدُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَحَكَاهُ الزَّمَخْشَرِيُ عَنْ أبي حنيفة وبن قدامة عن أحمد بن حنبل وبن عَبْدِ الْبَرِّ عَنِ اخْتِيَارِ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ الْإِجَابَةُ مُطْلَقَةً غَيْرَ مُعَلَّلَةٍ فَإِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ والفتح بدل عَلَى التَّعْلِيلِ لَكِنْ قَالَ فِي اللَّامِعِ وَالْعُدَّةِ إِنَّهُ إِذَا كُسِرَ صَارَ لِلتَّعْلِيلِ أَيْضًا مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ اسْتِئْنَافٌ جَوَابًا عَنْ سُؤَالٍ عَنِ الْعِلَّةِ (وَالنِّعْمَةَ لَكَ) بِكَسْرِ النُّونِ الْإِحْسَانُ وَالْمِنَّةُ مُطْلَقًا وَهِيَ بِالنَّصْبِ عَلَى الْأَشْهَرِ عَطْفًا عَلَى الْحَمْدِ وَيَجُوزُ الرَّفْعُ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ لِدَلَالَةِ خَبَرِ إِنَّ تَقْدِيرُهُ إِنَّ الْحَمْدَ لَكَ والنعمة مستقرة لك

وجوز بن الْأَنْبَارِيِّ أَنْ يَكُونَ الْمَوْجُودُ خَبَرَ الْمُبْتَدَأِ وَخَبَرُ إن هو

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه اللَّه فِي مَعْنَى التَّلْبِيَة ثَمَانِيهِ أَقْوَال أَحَدهمَا إِجَابَة لَك بَعْد إِجَابَة وَلِهَذَا الْمَعْنَى كُرِّرَتْ التَّلْبِيَة إِيذَانًا بِتَكْرِيرِ الْإِجَابَة

<<  <  ج: ص:  >  >>