للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٢ - (بَاب الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ)

(إِنِّي رَجُلٌ أَسْرُدُ الصَّوْمَ) قَالَ فِي الْفَتْحِ أَيْ أُتَابِعُهُ

وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنْ لَا كَرَاهِيَةَ فِي صِيَامِ الدَّهْرِ وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ لِأَنَّ التَّتَابُعَ يَصْدُقُ بِدُونِ صَوْمِ الدَّهْرِ فَإِنْ ثَبَتَ النَّهْيُ عَنْ صَوْمِ الدَّهْرِ لَمْ يُعَارِضُهُ هَذَا الْإِذْنُ بِالسَّرْدِ بَلِ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ (أَفَأَصُومُ فِي السَّفَرِ) قال بن دَقِيقِ الْعِيدِ لَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ صَوْمُ رَمَضَانَ فَلَا يَكُونُ فِيهِ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ مَنَعَ صِيَامَ رَمَضَانَ فِي السَّفَرِ

قَالَ الْحَافِظُ هُوَ كَمَا قَالَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى سِيَاقِ حَدِيثِ الْبَابِ لَكِنْ فِي رِوَايَةِ أَبِي مَرَاوِحِ الَّتِي عند مسلم أنه قال يارسول اللَّهِ أَجِدُ بِي قُوَّةً عَلَى الصِّيَامِ فِي السَّفَرِ فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هِيَ رُخْصَةٌ مِنَ اللَّهِ فَمَنْ أَخَذَ بِهَا فَحَسَنٌ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَصُومَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ وَهَذَا يُشْعِرُ بِأَنَّهُ سَأَلَ عَنْ صِيَامِ الْفَرِيضَةِ وَذَلِكَ أَنَّ الرُّخْصَةَ إِنَّمَا تُطْلَقُ فِي مُقَابَلَةِ مَا هُوَ وَاجِبٌ

وَأَصْرَحُ مِنْ ذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ بن عمرو عن أبيه أنه قال يارسول اللَّهِ إِنِّي صَاحِبُ ظَهْرٍ أُعَالِجُهُ أُسَافِرُ عَلَيْهِ وَأَكْرِيهِ وَإِنَّهُ رُبَّمَا صَادَفَنِي هَذَا الشَّهْرَ يَعْنِي رَمَضَانَ وَأَنَا أَجِدُ الْقُوَّةَ وَأَجِدُنِي أَنْ أَصُومَ أَهْوَنُ عَلَيَّ مِنْ أَنْ أُؤَخِّرَهُ فَيَكُونَ دَيْنًا علي

فقال أي ذلك شئت ياحمزة انْتَهَى (قَالَ صُمْ إِنْ شِئْتَ وَأَفْطِرْ إِنْ شِئْتَ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ هَذَا نَصٌّ فِي إِثْبَاتِ الْخِيَارِ لِلْمُسَافِرِ بَيْنَ الصَّوْمِ وَالْإِفْطَارِ وَفِيهِ بَيَانُ جَوَازِ صَوْمِ الْفَرْضِ لِلْمُسَافِرِ إِذَا صَامَهُ وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَّا مَا رُوِيَ عن بن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ إِنْ صَامَ فِي السَّفَرِ قَضَى فِي الْحَضَرِ

وَقَدْ روى عن بن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ لَا يُجْزِئُهُ

وَذَهَبَ إِلَى هَذَا مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ بَعْدَ هَذَا فِي أَفْضَلِ الْأَمْرَيْنِ مِنْهُمَا فَقَالَتْ طَائِفَةٌ أَفْضَلُ الْأَمْرَيْنِ الْفِطْرُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَالشَّعْبِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ

وَقَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ أَفْضَلُ الْأَمْرَيْنِ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ وَبِهِ قَالَ النَّخَعِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالثَّوْرِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ

وَقَالَتْ فِرْقَةٌ ثَالِثَةٌ أَفْضَلُ الْأَمْرَيْنِ أَيْسَرُهُمَا عَلَى الْمَرْءِ لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ ولا يريد بكم العسر فَإِنْ كَانَ الصِّيَامُ أَيْسَرُ عَلَيْهِ صَامَ وَإِنْ كَانَ الْفِطْرُ أَيْسَرُ فَلْيُفْطِرْ

وَإِلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>