للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(وَإِنْ وَجَدْنَاهُ) أَيِ الْفَرَسَ وَإِنْ مُخَفَّفَةً مِنْ مُثَقَّلَةٍ (لَبَحْرًا) أَيْ وَجَدْنَا جَرْيَهُ كَجَرْيِ الْبَحْرِ

قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي هَذَا بَيَانُ إِبَاحَةِ التَّوَسُّعِ فِي الْكَلَامِ فِي تَشْبِيهِ الشَّيْءِ بِالشَّيْءِ الَّذِي لَهُ تَعَلُّقٌ بِبَعْضِ مَعَانِيهِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَوْفِ أَوْصَافَهُ كُلَّهَا

وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَرَفَةَ النَّحْوِيُّ إِنَّمَا شَبَّهَ الْفَرَسَ بِالْبَحْرِ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَرَادَ أَنَّ جَرْيَهُ كَجَرْيِ مَاءِ الْبَحْرِ أَوْ لِأَنَّهُ يُسَبِّحُ فِي جَرْيِهِ كَالْبَحْرِ إِذَا مَاجَ فِعْلًا بَعْضُ مَائِهِ فَوْقَ بَعْضٍ انْتَهَى كَلَامُهُ

فَكَمَا جَازَ التَّوَسُّعُ فِي الْكَلَامِ فِي تَشْبِيهِ الشَّيْءِ بِالشَّيْءِ الَّذِي لَهُ تَعَلُّقٌ بِبَعْضِ مَعَانِيهِ وَلِذَا جَازَ تَشْبِيهُ الْفَرَسِ بِالْبَحْرِ فَهَكَذَا جَازَ تَشْبِيهُ صَلَاةِ الْعِشَاءِ بِالْعَتَمَةِ لِأَنَّ الْعَتَمَةَ هِيَ الظُّلْمَةُ وَصَلَاةُ الْعِشَاءِ لَا تُصَلَّى إِلَّا فِي الظُّلْمَةِ

قُلْتُ مَا فِي هَذَا الِاسْتِدْلَالِ مِنْ تَكَلُّفٍ فَظَاهِرٌ وَالْأَوْضَحُ فِي الِاسْتِدْلَالِ مَا أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ سُمَيٍّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِ وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ

٩ - (بَابُ التَّشْدِيدِ فِي الْكَذِبِ [٤٩٨٩])

(إِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ أَوْ بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْأَفْصَحُ أَيِ احْذَرُوا الْكَذِبَ (إِلَى الْفُجُورِ) بِضَمِّ الْفَاءِ أَيِ الْمَيْلِ عَنِ الصِّدْقِ وَالْحَقِّ وَالِانْبِعَاثِ فِي الْمَعَاصِي (وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ) أَيْ يُبَالِغُ وَيَجْتَهِدُ فِيهِ (حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ يَحْكُمُ لَهُ بِذَلِكَ وَيَسْتَحِقُّ الْوَصْفَ بِهِ (وَعَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ) أَيِ الْزَمُوا الصِّدْقَ وَهُوَ الْإِخْبَارُ عَلَى وَفْقِ مَا فِي الْوَاقِعِ (فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ) قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ أَنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ الْخَالِصِ

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

تعلقه بالتوسع في العبارة واستعارة اسم البحر للفرس الجواد الكثير الجري فكأنه راجع إلى قوله باب في حفظ المنطق

<<  <  ج: ص:  >  >>