للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مثل الْغَزالِيّ فانه اعْترف أَنه لم يعرف من الْعَرَبيَّة إِلَّا الْقدر الَّذِي يُمَيّز بِهِ شنيع اللّحن وَلذَلِك أَكثر من التَّصْرِيح بِأَن جَمِيع الْمعاصِي وَالْكفْر وَالْفَوَاحِش من الله تَعَالَى وَلَوْلَا أَنه صرح مَعَ ذَلِك القَوْل بِالْكَسْبِ وَأَن الْجَبْر بَاطِل بِالضَّرُورَةِ مَا استربت فِي أَنه جبري وَأكْثر المغترون بِهِ من أهل السّنة وعوامهم من ذَلِك حَتَّى حَملَنِي ذَلِك على جمع شَيْء كثير فِي التَّعْرِيف بِبُطْلَان ذَلِك وَقد أودعته العواصم وَإِنَّمَا اختصرت مِنْهُ الْيَسِير واذكره هُنَا لَعَلَّ الله ينفع بِهِ من بقيت فِيهِ بَقِيَّة من التَّمْيِيز ولبيان الْخَطَأ فِي هَذِه الْعبارَة ذكرت الْمذَاهب والفروق بَينهَا وعنيت فِي تَمْيِيز بَعْضهَا من بعض وطولت فِي تَلْخِيص ذَلِك ليتضح الْحق من الْبَاطِل لِأَنَّهُ أعظم مَا طلبه الله تَعَالَى من عباده وَأكْثر مَا بعثت لَهُ الرُّسُل الْكِرَام كَمَا أقسم الله عَلَيْهِ فِي سُورَة الْعَصْر {إِن الْإِنْسَان لفي خسر إِلَّا الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصبرِ} وكما قَالَ تَعَالَى {بل نقذف بِالْحَقِّ على الْبَاطِل فيدمغه فَإِذا هُوَ زاهق} وكما قَالَ الله تَعَالَى {الَّذِي خلق سبع سماوات وَمن الأَرْض مِثْلهنَّ يتنزل الْأَمر بَينهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَن الله على كل شَيْء قدير وَأَن الله قد أحَاط بِكُل شَيْء علما} وَلَو لم ينزل فِي شرف الْعلم سواهَا لكَانَتْ كَافِيَة

أَقُول وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق الدَّلِيل على بطلَان ذَلِك الْعقل والسمع

أما الْعقل فَلِأَن القبائح عِنْده إِمَّا أَن تكون من الله تَعَالَى وَحده تَعَالَى عَن عَن ذَلِك علوا كَبِيرا وَلَا أثر فِيهَا من الْعباد فَهَذَا مَحْض الْجَبْر وَقد اعْترف أَن الْجَبْر بَاطِل بِالضَّرُورَةِ وَلَوْلَا ذَلِك لذكرنا هُنَا مَا يخزي الجبرية ويفضحهم وَيعرف بِأَنَّهُم من سقط الْمَتَاع الَّذين لَا يسْتَحقُّونَ مناظرة الْعلمَاء العارفين والاذكياء البارعين وَإِنَّمَا حَقهم أَن يجْرِي عَلَيْهِم أَحْكَام أَئِمَّة الْعدْل على حسب آرائهم من تنكيل وتطريد أَو قتل فحين اعْترف بِالْحَقِّ وناقضه فِي عِبَارَته لم يكن لَهُ بُد من أَن يَجْعَل لقدرة العَبْد نَصِيبا وأثرا وَهُوَ قَوْله فاما أَن يَجعله الْكسْب الْقَبِيح دون الْخلق الْحسن الَّذِي هُوَ من الله تَعَالَى كَمَا هُوَ مَذْهَب أَصْحَابه الاشعرية وَصَحَّ الامر فِي غلطه فِي قبح عِبَارَته أَو يَجْعَل

<<  <   >  >>