للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٥ - ٣٤ - ٢ - (بَابُ قَتْلِ ابْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ)

١٠٣٣٤ - «عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبَا قَتَادَةَ، وَحَلِيفًا لَهُمْ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَتِيكٍ إِلَى ابْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ لِنَقْتُلَهُ، فَخَرَجْنَا فَجِئْنَا خَيْبَرَ لَيْلًا، فَتَتَبَّعْنَا أَبْوَابَهُمْ فَغَلَّقْنَا عَلَيْهِمْ مِنْ خَارِجٍ، ثُمَّ جَمَعْنَا الْمَفَاتِيحَ فَأَرْمَيْنَاهَا، فَصَعِدَ الْقَوْمُ فِي النَّخْلِ. وَدَخَلْتُ أَنَا وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَتِيكٍ فِي دَرَجَةِ ابْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ، فَتَكَلَّمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَتِيكٍ، فَقَالَ ابْنُ أَبِي الْحُقَيْقِ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ عَبْدَ اللَّهِ، أَنَّى لَكَ بِهَذِهِ الْبَلْدَةِ؟ قُومِي فَافْتَحِي ; فَإِنَّ الْكَرِيمَ لَا يَرُدُّ عَنْ بَابِهِ هَذِهِ [السَّاعَةَ]، فَقَامَتْ، فَقُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَتِيكٍ: دُونَكَ، فَأَشْهَرَ عَلَيْهِمُ السَّيْفَ، فَذَهَبَتِ امْرَأَتُهُ لِتَصِيحَ فَأَشْهَرَ عَلَيْهَا، وَأَذْكُرُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ نَهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ فَأَكُفَّ.

فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ: فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فِي مَشْرَبَةٍ لَهُ، فَوَقَفْتُ أَنْظُرُ إِلَى شِدَّةِ بَيَاضِهِ فِي ظُلْمَةِ الْبَيْتِ، فَلَمَّا رَآنِي أَخَذَ وِسَادَةً فَاسْتَتَرَ بِهَا، فَذَهَبْتُ أَرْفَعُ السَّيْفَ لِأَضْرِبَهُ فَلَمْ أَسْتَطِعْ مِنْ قِصَرِ الْبَيْتِ، فَوَخَزْتُهُ وَخْزًا. ثُمَّ خَرَجْتُ، فَقَالَ صَاحِبِي: فَعَلْتَ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَدَخَلَ فَوَقَفَ عَلَيْهِ، ثُمَّ خَرَجْنَا فَانْحَدَرْنَا مِنَ الدَّرَجَةِ، فَوَقَعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَتِيكٍ فِي الدَّرَجَةِ، فَقَالَ: وَارِجْلَاهُ، كُسِرَتْ رِجْلِي، فَقُلْتُ لَهُ: لَيْسَ بِرِجْلِكَ بَأْسٌ، وَوَضَعْتُ قَوْسِي وَاحْتَمَلْتُهُ، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ قَصِيرًا ضَئِيلًا، فَأَنْزَلْتُهُ فَإِذَا رِجْلُهُ لَا بَأْسَ بِهَا، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى لَحِقْنَا أَصْحَابَنَا، وَصَاحَتِ الْمَرْأَةُ: يَا بَيَاتَاهُ، فَثُورَ أَهْلُ خَيْبَرَ.

ثُمَّ ذَكَرْتُ مَوْضِعَ قَوْسِي فِي الدَّرَجَةِ، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَأَرْجِعَنَّ فَلَآخُذَنَّ قَوْسِي، فَقَالَ أَصْحَابِي: قَدْ تَثُورُ أَهْلُ خَيْبَرَ بِقَتْلِهِ، فَقُلْتُ: لَا أَرْجِعُ أَنَا حَتَّى آخُذَ قَوْسِي، فَرَجَعْتُ فَإِذَا أَهْلُ خَيْبَرَ قَدْ تَثَوَّرُوا، وَإِذَا مَا لَهُمْ كَلَامٌ إِلَّا مَنْ قَتَلَ ابْنَ أَبِي الْحُقَيْقِ، فَجَعَلْتُ لَا أَنْظُرُ فِي وَجْهِ إِنْسَانٍ وَلَا يَنْظُرُ فِي وَجْهِي إِلَّا قُلْتُ مِثْلَ مَا يَقُولُ مَنْ قَتَلَ ابْنَ أَبِي الْحُقَيْقِ، حَتَّى جِئْتُ الدَّرَجَةَ فَصَعِدْتُ مَعَ النَّاسِ فَأَخَذْتُ قَوْسِي فَلَحِقْتُ أَصْحَابِي. فَكُنَّا نَسِيرُ اللَّيْلَ وَنَكْمُنُ النَّهَارَ، فَإِذَا كَمَنَّا النَّهَارَ أَقْعَدْنَا نَاطُورًا يَنْظُرُ لَنَا، حَتَّى إِذَا اقْتَرَبْنَا مِنَ الْمَدِينَةِ، وَكُنْتُ بِالْبَيْدَاءِ كُنْتُ أَنَا نَاطِرَهُمْ ثُمَّ إِنِّي أَلَحْتُ لَهُمْ بِثَوْبِي فَانْحَدَرُوا فَخَرَجُوا جَمْزًا، وَانْحَدَرْتُ فِي آثَارِهِمْ فَأَدْرَكْتُهُمْ حَتَّى بَلَغْنَا الْمَدِينَةَ، فَقَالَ لِي أَصْحَابِي: هَلْ رَأَيْتَ شَيْئًا؟ فَقُلْتُ: لَا، وَلَكِنْ رَأَيْتُ مَا أَدْرَكَكُمْ مِنَ الْعَنَاءِ فَأَحْبَبْتُ أَنْ يَحْمِلَكُمُ الْفَزَعُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>