للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَمَا إِذْلَالُهُ نَفْسَهُ؟ قَالَ: " يَتَعَرَّضُ مِنَ الْبَلَاءِ لَمَّا لَا يُطِيقُ» ". قُلْتُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، فَيَزِيدُ الضَّبِّيُّ وَكَلَامُهُ فِي الصَّلَاةِ؟ قَالَ: أَمَا إِنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنَ السِّجْنِ حَتَّى نَدِمَ. قَالَ الْمُعَلَّى: فَقُمْتُ مِنْ مَجْلِسِ الْحَسَنِ، فَأَتَيْتُ يَزِيدَ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا مَوْدُودٍ، بَيْنَا أَنَا وَالْحَسَنُ نَتَذَاكَرُ إِذْ نَصَبَ أَمْرَكَ نَصْبًا. فَقَالَ: مَهْ يَا أَبَا الْحَسَنِ. قَالَ: قُلْتُ: قَدْ فَعَلْتُ. قَالَ: فَمَا قَالَ؟ قُلْتُ: قَالَ: أَمَا إِنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنَ السِّجْنِ حَتَّى نَدِمَ عَلَى مَقَالَتِهِ. قَالَ يَزِيدُ: مَا نَدِمْتُ عَلَى مَقَالَتِي وَايْمُ اللَّهِ، لَقَدْ قُمْتُ مَقَامًا أُخْطِرُ فِيهِ بِنَفْسِي. قَالَ يَزِيدُ: فَأَتَيْتُ الْحَسَنَ قُلْتُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، غُلِبْنَا عَلَى كُلِّ شَيْءٍ تَغَلَّبَ عَلَى صِلَاتِنَا. فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، إِنَّكَ لَمْ تَصْنَعْ شَيْئًا، إِنَّكَ تَعْرِضُ نَفْسَكَ لَهُمْ. ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَقَالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ. قَالَ: فَقُمْتُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي الْمَسْجِدِ، وَالْحَكَمُ بْنُ أَيُّوبَ يَخْطُبُ، فَقُلْتُ: رَحِمَكَ اللَّهُ، الصَّلَاةُ، فَلَمَّا قُلْتُ ذَلِكَ احْتَوَشَتْنِي الرِّجَالُ يَتَعَاوَرُونِي، فَأَخَذُوا بِلِحْيَتِي وَتَلْبِيبَتِي، وَجَعَلُوا يُجْؤُونَ بَطْنِي بِنِعَالِ سُيُوفِهِمْ. قَالَ: وَمَضَوْا بِي نَحْوَ الْمَقْصُورَةِ، فَمَا وَصَلْتُ إِلَيْهَا حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُمْ سَيَقْتُلُونِي دُونَهَا. قَالَ: فَفُتِحَ لِي بَابُ الْمَقْصُورَةِ. قَالَ: فَقُمْتُ بَيْنَ يَدَيِ الْحَكَمِ وَهُوَ سَاكِتٌ. فَقَالَ: أَمْجَنُونٌ أَنْتَ؟ وَمَا كُنَّا فِي صَلَاةٍ. فَقُلْتُ: أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِيرَ، هَلْ مِنْ كَلَامٍ أَفْضَلَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ؟ قَالَ: لَا. قُلْتُ: أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِيرَ، أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا نَشَرَ مُصْحَفًا يَقْرَؤُهُ غُدْوَةً إِلَى اللَّيْلِ كَانَ ذَلِكَ قَاضٍ عَنْهُ صَلَاتَهُ؟ قَالَ: وَاللَّهِ لَأَحْسَبُكَ مَجْنُونًا. قَالَ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ جَالِسٌ تَحْتَ مِنْبَرِهِ سَاكِتٌ، فَقُلْتُ: يَا أَنَسُ يَا أَبَا حَمْزَةَ، أَنْشُدُكَ اللَّهَ، فَقَدْ خَدَمْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَصَحِبْتَهُ، أَبِمَعْرُوفٍ قُلْتُ أَمْ بِمُنْكَرٍ؟ أَبِحَقٍّ قُلْتُ أَمْ بِبَاطِلٍ؟ قَالَ: فَلَا وَاللَّهِ، مَا أَجَابَنِي بِكَلِمَةٍ. قَالَ لَهُ الْحَكَمُ بْنُ أَيُّوبَ: يَا أَنَسُ، قَالَ: يَقُولُ: لَبَّيْكَ أَصْلَحَكَ اللَّهُ. قَالَ وَكَانَ وَقْتُ الصَّلَاةِ قَدْ ذَهَبَ. قَالَ: كَانَ بَقِيَ مِنَ الشَّمْسِ بَقِيَّةٌ. قَالَ: احْبِسُوهُ. قَالَ يَزِيدُ: فَأُقْسِمُ لَكَ يَا أَبَا الْحَسَنِ - يَعْنِي لِلْمُعَلَّى - لَمَا لَقِيتُ مِنْ أَصْحَابِي كَانَ أَشَدَّ عَلَيَّ مِنْ مَقَالِي، قَالَ بَعْضُهُمْ: مُرَاءٍ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَجْنُونٌ. قَالَ: وَكَتَبَ الْحَكَمُ إِلَى الْحَجَّاجِ: إِنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي ضُبَّةَ قَامَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَالَ: الصَّلَاةَ وَأَنَا أَخْطُبُ، وَقَدْ شَهِدَ الشُّهُودُ الْعُدُولُ عِنْدِي أَنَّهُ مَجْنُونٌ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْحَجَّاجُ: إِنْ كَانَتْ قَامَتِ الشُّهُودُ الْعُدُولُ أَنَّهُ مَجْنُونٌ فَخَلِّ سَبِيلَهُ، وَإِلَّا فَاقْطَعْ يَدَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>