للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فائدة فيه؛ لأنَّه قد علم أنَّ أصحاب الميمنة هم أصحاب الميمنة، وهم ضدَّ أصحاب المشأمة. كذا قاله بعض أهل الكوفة وهو في العربية جائز صحيح إذ التقدير: فأصحاب الميمنة في دار الدنيا بالأعمال الصالحة، هم أصحاب اليمين في القيامة، أو المراد: بأصحاب الميمنة؟ من يعطون كتبهم بأيمانهم أصحاب الميمنة، أي: هم المقدّمون المقرّبون، وكذلك: وأصحاب المشأمة الذين يعطون كتبهم بشمائلهم هم المؤخرون المبعدون، هذا هو الصحيح عند أهل البصرة «فأصحاب» مبتدأ، و «ما» مبتدأ، و «ما» مبتدأ ثان، و «أصحاب الميمنة» خبر عن «ما» و «ما» ومَا بعدها خبر عن «أصحاب»، والرابط إعادة المبتدأ بلفظه، وأكثر ما يكون ذلك في موضع التهويل والتعظيم (١).

{مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (٨)} [٨] كاف، ومثله: «ما أصحاب المشأمة» «والسابقون السابقون» الثاني منهما خبر عن الأوّل، وهو جواب عن سؤال مقدَّر، وهو كيف أجزتم: «السابقون السَّابقون»، ولم تجيزوا: «فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة» فالجواب: أنَّ الفرق بينهما بمعنى: أنَّه لو قيل أصحاب اليمين أصحاب اليمين، لم تكن فيه فائدة، فالحسن أن يجعل الثاني منهما خبرًا عن الأوَّل، وليس بوقف إن جعل الثاني منهما نعتًا للأوَّل، و «أولئك المقربون» خبرًا، وكان الوقف عند «جنَّات النَّعيم» هو الكافي «وقليل من الآخرين» ليس بوقف؛ لأنَّ قوله: «على سررٍ موضونة» ظرف لما قبله، وإن جعل «على سرر» متصلًا بـ «متكئين» ونصب «متكئين» بفعل مضمر حسن الوقف على من «الآخرين» والأوَّل هو المختار.

{مُتَقَابِلِينَ (١٦)} [١٦] حسن، على استئناف ما بعده وليس بوقف إن جعل حالًا، ولا وقف من قوله: «يطوف» إلى «يشتهون» فلا يوقف على «مخلدون» لتعلق الباء ولا على «أباريق» ولا على «من معين»؛ لأنَّ ما بعده صفة له، ولا على «ينزفون» ولا على «يتخيرون» لعطف ما بعده على ما قبله.

{مِمَّا يَشْتَهُونَ (٢١)} [٢١] حسن، لمن قرأ: «وحور عين» بالرفع، أي: وعندهم حور، أو: ولهم حور عين، وهي قراءة ابن كثير ونافع وعاصم وأبي عمرو وابن عامر (٢)؛ لأنَّ: الحور العين لا يطاف بهنَّ، ومثله في الحسن الوقف على «يشتهون» على قراءة أُبيّ بن كعب: «وحورًا عينًا» بالنصب (٣)؛ بمعنى: ويزوّجون حورًا عينًا، وليس «يشتهون» وقفًا لمن قرأ: «وحور» بالجرّ عطفًا على «بأكواب


(١) انظر: تفسير الطبري (٢٣/ ٩٤)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.
(٢) انظر هذه القراءة في: الإعراب للنحاس (٣/ ٣٢٤)، الإملاء للعكبري (٢/ ١٣٦)، السبعة (ص: ٦٢٢)، النشر (٢/ ٣٨٣).
(٣) وكذا رويت عن عبد الله بن مسعود والأشهب العقيلي والنخعي وعيسى بن عمر، وهي قراءة شاذة. انظر هذه القراءة في: الإعراب للنحاس (٣/ ٣٢٤)، الإملاء للعكبري (٢/ ١٣٦)، البحر المحيط (٨/ ٢٠٦)، تفسير القرطبي (١٧/ ٢٠٥)، المحتسب لابن جني (٢/ ٣٠٩)، المعاني للفراء (٣/ ١٢٤)، تفسير الرازي (٢٩/ ١٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>